كتاب نقض الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله عز وجل من التوحيد (اسم الجزء: 1)
حَدِيثٌ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم لدعواكم من اللَّهَ1 فِي كُلِّ مَكَانٍ مِنْ حَدِيثِ النُّزُولِ، لَمَّا أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: لَا يَخْلُو مِنْهُ فَكَيْفَ يَنْزِلُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ مَنْ هُوَ فِي كُلِّ مَكَانٍ2؟! فَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ حُجَجِ الْمُعَارِضِ لِدَفْعِ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النُّزُولِ حِكَايَةٌ حَكَاهَا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرِ3 لَعَلَّهَا مَكْذُوبَةٌ عَلَيْهِ، أَنَّهُ قَالَ: نُزُولُهُ: أَمْرُهُ وَسُلْطَانُهُ وَمَلَائِكَتُهُ وَرَحْمَتُهُ، وَمَا أَشْبَهَهَا.
فَقُلْنَا لَهُ: أَيُّهَا الْمُعَارِضُ، أَمَّا لَفْظُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْقُضُ مَا حَكَيْتَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ4 فَإِنْ قَالَهُ فَالْحَدِيثُ يُكَذِّبُهُ وَيُبْطِلُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ: "إِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ أَوْ شَطْرُ اللَّيْلِ نَزَلَ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ دَاعٍ، فَأُجِيب؟ 5 هَل من مُسْتَغْفِر أعفر لَهُ؟ 6 هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ 7 حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ" 8 وَقَدْ جِئْنَا بِالْحَدِيثِ بِإِسْنَادِهِ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ. فَلَوْ كَانَ عَلَى مَا حَكَيْتَ9 عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَادَّعَيْتَهُ أَنْتَ أَيْضًا أَنَّهُ أَمْرُهُ وَرَحْمَتُهُ وَسُلْطَانُهُ، مَا كَانَ أَمْرُهُ وَسُلْطَانُهُ يَتَكَلَّمُ بِمِثْلِ هَذَا وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى اسْتِغْفَارِهِ وَسُؤَالِهِ دُونَ اللَّهِ، وَلَا الْمَلَائِكَة يدعونَ10
__________
1 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "فِي أَنَّ اللَّهَ فِي كُلِّ مَكَان" وَهُوَ أوضح.
2 النُّزُول وصف يَلِيق بجلاله وعظمته لَا نَعْرِف كنهه وَإِن كَانَ مَعْنَاهُ مَعْلُوما وَسِيَاق الْكَلَام هُنَا يُوهم تكييف النُّزُول.
3، 4 أَبُو مُعَاوِيَة الضَّرِير، تقدم ص"157".
6 فِي ط، س، ش "فَأُجِيب لَهُ".
7 فِي س "فَأغْفِر لَهُ".
8 تقدم تَخْرِيجه ص"213".
9 فِي ط، س، ش "فَلَو كَانَ ذَلِك على مَا حكيت".
10 فِي الأَصْل، س "يدعوا" بِمَا أثبت جَاءَ فِي ط، ش، وَهُوَ الصَّوَاب.
الصفحة 494