كتاب نقض الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله عز وجل من التوحيد (اسم الجزء: 1)

الْمُعَارِضُ أَنَّ أَبَا أُسَامَةَ1 وَأَبَا مُعَاوِيَةَ2 وَبَعْضَ نُظَرَائِهِمْ كَرِهُوا الْخَوْضَ فِي الْمَخْلُوقِ وَغَيْرِ الْمَخْلُوقِ3. فَقُلْنَا لَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ: إِنَّمَا كَرِهَ مَنْ كَرِهَ الْخَوْضَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَشَايِخِ -إِنْ صَحَّتْ رِوَايَتُكَ4- لمَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَخُوضُ فِيهِ إِلَّا شِرْذِمَةٌ5 أَذِلَّةٌ سِرًّا بِمُنَاجَاةٍ بَيْنَهُمْ وَإِذَا6 الْعَامَّةُ مُتَمَسِّكُونَ مِنْهُمْ بالسنن الأولى ولأمر الْأَوَّلِ.
فَكَرِهَ الْقَوْمُ الْخَوْضَ فِيهِ، إِذْ لم يكن يخاض فِيهَا عَلَانِيَةً7، وَقَدْ أَصَابُوا فِي تَرْكِ الْخَوْضِ فِيهِ، إِذْ لَمْ يُعْلَنْ. فَلَمَّا أَعْلَنُوهُ بِقُوَّةِ السُّلْطَانِ، وَدَعَوُا الْعَامَّةَ إِلَيْهِ بِالسُّيُوفِ وَالسِّيَاطِ8 وَادَّعَوْا أَن كَلَام الله مَخْلُوق، وَأنكر ذَلِكَ عَلَيْهِمْ مَنْ غَبَرَ9 مِنَ الْعُلَمَاءِ وَبَقِيَ مِنَ الْفُقَهَاءِ10 فَكَذَّبُوهُمْ وَكَفَّرُوهُمْ وَحَذَّرُوا النَّاسَ أَمْرَهُمْ، وَفَسَّرُوا مُرَادَهُمْ مِنْ ذَلِكَ. فَكَانَ هَذَا مِنَ الْجَهْمِيَّةِ11 خَوْضًا فِيمَا نَهَوْا عَنهُ، وَمن أَصْحَابنَا إِنْكَار للكفر الْبَين12،
__________
1 أَبُو أُسَامَة حَمَّاد، تقدم ص"416".
2 أَبُو مُعَاوِيَة الضَّرِير، تقدم ص"157".
3 فِي س "وَغير الْخَالِق" ويستقيم الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل.
4 فِي ط، س، ش "فَقُلْنَا: روايتك" وَسقط قرَابَة السطر بَين اللَّفْظَيْنِ، ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل.
5 الشرذمة بِالْكَسْرِ: الْقَلِيل من النَّاس. كَذَا قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط 4/ 136 مَادَّة "الشرذمة".
6 فِي ط، ش "وَأَن الْعَامَّة".
7 فِي س "إِذا لم يكن يخاض عَلَانيَة".
8 فِي ط، ش "بالسياط وَالسُّيُوف".
9 غبر: أَي مضى، تقدم مَعْنَاهَا ص"415".
10 فِي ط، س، ش "وَمن بَقِي من الْفُقَهَاء".
11 تقدّمت الْإِشَارَة إِلَيْهِم ص"138".
12 فِي ط، ش "للكفر الْمُبين".

الصفحة 536