كتاب نقض الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله عز وجل من التوحيد (اسم الجزء: 1)
مَنْ لَا فَهْمَ لَهُ وَلَا عَقْلَ1.
وَأُخْرَى أَنَّ كُلَّ مَخْلُوقٍ مُحْدَثٍ لَا شَكَّ فِيهِ. فَاللَّهُ بِزَعْمِكُمْ كَانَ بِلَا كَلَامٍ، حَتَّى خَلَقَ لِنَفْسِهِ كَلَامًا2، ثُمَّ انْتَحَلَهُ اضْطِرَارًا إِلَى كَلَامِ غَيْرِهِ، فَتَمَّتْ بِهِ رُبُوبِيَّتُهُ، وَوَحْدَانِيَّتُهُ، وَأَمْرُهُ وَنَهْيُهُ بِزَعْمِكُمْ3. فَمَنْ يَحْتَاجُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَعْقُول إِلَى أَثَرٍ؟!
وَأُخْرَى أَنَّ الْكَلَامَ لَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ شَيْئًا يُرَى ويحس إِلَّا بِلِسَانِ مُتَكَّلِمٍ بِهِ4 فَالْكَلَامُ مِنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ صِفَتُهُمَا، فَالْخَالِقُ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. وَالْمَخْلُوقُ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ مَخْلُوقٌ. وَلَا شَكَّ فِيهِ5.
فَلْينْظر هَذَا الشَّاكُّ فِي الْقُرْآنِ، فَإِنْ كَلَام اللَّهُ الْمُتَكَلِّمَ بِهِ عِنْدَهُ6 فَلَا يَشُكَّنَّ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِمَخْلُوقٍ مِنَ الْكَلَامِ. وَلَمْ يُضْطَرَّ إِلَى شَيْء مَخْلُوق يَشُكَّنَّ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِمَخْلُوقٍ مِنَ الْكَلَامِ, وَلَمْ يُضْطَرَّ إِلَى شَيْءٍ مَخْلُوقٍ قَطُّ مِنَ الْكَلَامِ وَغَيْرِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بِهِ7 حَاجَة. وَإِن ابتدعه8 مَخْلُوق
__________
1 فِي س "إِلَّا على من لَا لَهُ فهم وَلَا عقل".
2 عبارَة الأَصْل وس وَاضِحَة، وَفِي ط، ش سقط ظَاهر وَاخْتِلَاف، حَيْثُ جَاءَ النَّص فيهمَا هَكَذَا "غير مَخْلُوق مُحدث لَا يشك فِيهِ، فَالله بزعمك كَانَ بِلَا كَلَامٍ حَتَّى خَلَقَ لنَفسِهِ كلَاما".
3 فِي ط، س "بزعمك".
4 هَذَا بِالنِّسْبَةِ للآدمي الْمُتَكَلّم فَإِن الْكَلَام يَقُول بِلِسَانِهِ، أما الرب سُبْحَانَهُ فَإِنَّهُ يتَكَلَّم بِكَلَام يَلِيق بجلاله وعظمته لَا يشبه كَلَام المخلوقين.
5 فِي ش "لَا شكّ فِيهِ".
6 فِي ط، س، ش "الْمُتَكَلّم بِالْقُرْآنِ عِنْده".
7 لَفْظَة "بِهِ" لَيست فِي ط، س، ش.
8 فِي ط، س، ش "وَإِن كَانَ ابتدعه" وَهِي أوضح فِي الْمَعْنى.
الصفحة 546