كتاب نقض الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله عز وجل من التوحيد (اسم الجزء: 1)
يَقْدِرَ اللَّهُ عَلَى الْكَلَامِ فِي دَعْوَاهُمْ1 إِلَّا كَقُدْرَةِ الْجِبَالِ وَالشَّجَرِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، فَهَلْ مِنْ شَيْءٍ أَشْبَهَ بِالْكُفْرِ الْبَيِّنِ مِنْ هَذَا الْمَذْهَبِ؟، بَلْ هُوَ2 الْكُفْرُ صَرَاحًا: أَنْ يَكُونَ مَنْزِلَةُ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى3، عِنْدهم ككلام الْجبَال والشجرة والْحَجَرِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْأَشْيَاءِ الْمَخْلُوقَةِ الْبَيِّنَةِ.
هَذَا كَلَامٌ لَيْسَ لَهُ نِظَامٌ، وَلَا هُوَ عَنْ مَذَاهِبِ الْإِسْلَامِ4، وَلَا يَحْتَاجُ5، إِلَى نَقِيضِهِ مِنَ الْكَلَامِ؛ لِأَنَّ مَعَ كُلِّ كَلِمَةٍ مِنْهَا نَقِيضُهَا مِنْ نَفْسِ كَلَامِ الْمُعَارِضِ، وَمَنِ ادَّعَى أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ وَالْقُرْآنَ مُضَافٌ إِلَى اللَّهِ كَبَيْتِ اللَّهِ وَكَرُوحِ6 اللَّهِ وكَعَبْدِ اللَّهِ، أَوْ شَبَّهَهُ بِكَلَامِ الْجِبَالِ وَالشَّجَرِ فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ مَخْلُوق اختلفه فِي دَعْوَاهُ بَشَرٌ كَذَّابٌ، كَمَا قَالَ الْوَحِيدُ7: {إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَر} 8 لما أَن لَمْ يَخْلُقْ لِنَفْسِهِ كَلَامَهُ9 يَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَإِلَى تَوْحِيدِهِ وَطَاعَتِهِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَكَلِّمُ بِهِ اللَّهُ عِنْدَكُمْ فَهُوَ كَلَامُ نَفْسِهِ بِحَقِيقَة10 مِنْهُ
__________
1 فِي ط، س، ش "فِي دعواكم".
2 فِي ط، ش "بل هَذَا".
3 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
4 فِي س "مَذْهَب أهل الْإِسْلَام".
5 فِي ط، س "وَلَا يحْتَاج لَهُ".
6 فِي ش "وروح الله".
7 هُوَ الْوَلِيد بن الْمُغيرَة، انْظُر تَفْسِير الطَّبَرِيّ 29/ 96، وَتَقَدَّمت تَرْجَمته ص"487".
8 سُورَة المدثر، آيَة 25.
9 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي س "كَلَام" وَلَا يَصح إعرابًا، وَفِي ط، ش "كلَاما" وَهُوَ الْأَنْسَب للسياق.
10 فِي ط، س، ش "حَقِيقَة".
الصفحة 558