كتاب نقض الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله عز وجل من التوحيد (اسم الجزء: 1)

بِهِ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ بِالْبِلَادِ مَنْ يَفْطِنُ لِمَذْهَبِهِ.
فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ فِعْلُ اللَّهِ1 الزَّائِلُ مِنْهَ فَقَدْ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ: كَلَامُ اللَّهِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ غَيْرُ الْفِعْلِ عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ، وَالْمَفْعُولَاتُ كُلُّهَا مَخْلُوقَةٌ لَا شَكَّ فِيهِ2 فَقَدْ صَرَّحَ بِالْمَخْلُوقِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، وَمَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ3 بَعْدَمَا عَابَ مَنْ قَالَهُ، وَرَجَعَ4 عَيْبُهُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ. أرأيتك أَيهَا الْمعَارض إِذا ادَّعَيْتَ5 فِي بَعْضِ كَلَامِكَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ6: مَخْلُوقٌ وَلَا غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَلَا يُزَادُ على أَن يَقُول: كَلَامُ اللَّهِ ثُمَّ يَسْكُتُ عَمَّا وَرَاءَ ذَلِكَ لَمَّا أَنَّهُ لَمْ يُخَضْ فِيهِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، فَمَنْ خَاضَ فِيهِ كَانَ بِزَعْمِكَ مُقَدِّمًا7 بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَكَيْفَ تَرَكْتَ فِيهِ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى8 وَمِنْهَاجَ السَّلَفِ، وَرَجَعْتَ عَنْ كَلَامِ اللَّهِ فَجَعَلْتَهُ فِعْلًا لَهُ مَخْلُوقًا؟.
أوَمَا تَخْشَى عَلَى نَفْسِكَ مَا تَخَوَّفْتَ عَلَى غَيْرِكَ؟ لقد9 ارتطمت10
__________
1 مَقْصُوده الْمَفْعُول الْمُنْفَصِل عَنهُ.
2 فِي ش "وَلَا شكّ فِيهَا"، وَفِي ط، س "لَا شكّ فِيهَا".
3 قَوْله: "وَمرَّة بعد مرّة" الثَّانِيَة لَيست فِي ط، س، ش.
4 فِي ط، س، ش "فَرجع".
5 فِي ط، ش "إِذا ادعيت".
6 فِي ط، ش "تَقول"، وَفِي س "يَقُول" وَلم تعجم فِي الأَصْل، ولعلها بِالتَّاءِ.
7 فِي ط، ش، "فَمن خَاضَ فِيهِ بزعمك كَانَ مقدما".
8 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
9 فِي ط، س، ش "فقد".
10 فِي س "ارتمطت" وَقَالَ النَّاسِخ: كَذَا بِالْأَصْلِ وَالظَّاهِر أَنَّهَا "ارتطمت" قلت: وَبِه يَتَّضِح الْمَعْنى.
قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس 4/ 120-121: "رطمه أوحله فِي أَمر لَا يخرج مِنْهُ فارتطم، وارتطم عَلَيْهِ الْأَمر لم يقدر على الْخُرُوج مِنْهُ" بِتَصَرُّف.

الصفحة 562