كتاب نقض الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله عز وجل من التوحيد (اسم الجزء: 1)

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ1 قَالَ: قلت لإِبْرَاهِيم بن سعد2: ماتقول فِي الزَّنَادِقَةِ3 تَرَى أَنْ نَسْتَتِيبَهُمْ4 قَالَ: لَا. قُلْتُ: فَبِمَ تَقُولُ ذَاك5؟ قَالَ: كَانَ علينا وَال6 بِالْمَدِينَةِ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ رَجُلًا وَلَمْ يَسْتَتِبْهُ، فَسَقَطَ فِي يَدِهِ فَبَعَثَ إِلَى أبي، فَقَالَ لَهُ أَبِي: لَا يَهْتَدِيكَ7 فَإِنَّهُ قَوْلُ الله: {فَلَمَّا 8 رَأَوْا بَأْسَنَا} قَالَ: السَّيْفُ {قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ، فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} 9 قَالَ: السَّيْف سنة الْقَتْل10.
__________
1 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168".
2 إِبْرَاهِيم بن سعد، تقدم ص"205".
3 الزَّنَادِقَة، انْظُر ص"531".
4 فِي ط، س، ش "ترى أَن تستتيبهم"، وَفِي كِتَابه الرَّد على الْجَهْمِية "نستتيبهم" بالنُّون.
5 فِي ط، س، ش "ذَلِك".
6 فِي س "وَالِي" وَحذف الْيَاء هُوَ الصَّوَاب.
7 وَفِي الرَّد على الْجَهْمِية "لَا يهدينك".
8 فِي الأَصْل "لما" وَالصَّوَاب مَا أَثْبَتْنَاهُ.
9 [سُورَة غَافِر، الْآيَتَانِ 84، 85] .
10 وَأخرجه الدَّارمِيّ فِي الرَّد على الْجَهْمِية بتحقيق زُهَيْر الشاويش ص"114" بِسَنَدِهِ وَمَتنه إِلَّا أَنه قَالَ فِي آخِره: "قَالَ: السَّيْف، فَقَالَ: سنته الْقَتْل".
قلت: وَقد ذكر شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية الْخلاف إِجْمَالا فِي الزنديق إِذا أظهر التَّوْبَة هَل تقبل تَوْبَته فَلَا يقتل أم يقتل؛ لِأَنَّهُ لَا يعلم صدقه؟. فَأفْتى طَائِفَة بِأَنَّهُ يُسْتَتَاب فَلَا يقتل، وَأفْتى الْأَكْثَرُونَ بِأَنَّهُ يقتل وَإِن أظهر التَّوْبَة، فَإِن كَانَ صَادِقا فِي تَوْبَته نَفعه ذَلِك عِنْد الله وَقتل فِي الدُّنْيَا، وَكَانَ الْحَد تَطْهِيرا لَهُ، كَمَا لَو تَابَ الزَّانِي وَالسَّارِق وَنَحْوهم بعد أَن يرفعوا للْإِمَام فَإِنَّهُ لَا بُد من إِقَامَة الْحَد عَلَيْهِم، فَإِنَّهُم إِن كَانُوا صَادِقين كَانَ قَتلهمْ كَفَّارَة لَهُم، وَمن كَانَ كَاذِبًا فِي التَّوْبَة كَانَ قَتله عُقُوبَة لَهُ. "انْظُر مَجْمُوع الْفَتَاوَى 35/ 110 وَانْظُر: عُمْدَة الْقَارِي شرح صَحِيح البُخَارِيّ 24/ 79، وَفتح الْبَارِي 12/ 272".

الصفحة 582