كتاب نقض الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله عز وجل من التوحيد (اسم الجزء: 2)
وادَّعى الْمُعَارِضُ أَنَّ مِنَ الْأَحَاديِثِ الَّتِي تُروى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ مُنْكَرَةً مُسْتَشْنَعَةً جِدًّا، لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُهَا، فألَّف مِنْهَا أَحَادِيثَ بَعْضُهَا مَوْضُوعَةٌ، وَبَعْضُهَا مَرْوِيَّةٌ تُرْوَى وَتَوَقَّفَ لَا يَتَقَدَّمُ1 عَلَى تَفْسِيرِهَا، يُوهِمُ مَنْ حَوَالَيْهِ مِنَ الْأَغْمَارِ2 أَنَّ آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّهَا مَا رُوِيَ مِنْهَا مِمَّا يَغِيظُ الْجَهْمِيَّةَ3 فِي الرُّؤْيَةِ وَالنُّزُولِ، وَالصِّفَاتِ الَّتِي رَوَاهَا الْعُلَمَاءُ الْمُتْقِنُونَ وَرَأَوْهَا4 حَقًّا، سَبِيلُهَا سَبِيلُ هَذِهِ الْمُنْكَرَاتِ الَّتِي لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُهَا وَلَا الِاعْتِمَادُ عَلَيْهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهَا بَعْدَمَا أقرَّ أَنَّهَا مُنْكَرَاتٌ مُسْتَشْنَعَةٌ5 يُفَسِّرُهَا وَيَطْلُبُ لَهَا مَخَارِجَ يَدْعُو6 إِلَى صَوَابِ التَّأْوِيلِ فِي دَعْوَاهُ.
وَيْحَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ! وَمَا يَدْعُوكَ إِلَى تَفْسِيرِ أَحَادِيثَ زَعَمْتَ أَنَّهَا مُسْتَشْنَعَةٌ لَا أَصْلَ لَهَا عِنْدَكَ، وَلَا يَجُوزُ التحدق بِهَا؟!، فَلَوْ دَفَعْتَهَا بِعِلَلِهَا وَشَنَعِهَا عِنْدَكَ كَانَ أَوْلَى بِكَ مِنْ أَنْ تَسْتَنْكِرَهَا وَتُكَذِّبَ بِهَا، ثُمَّ تُفَسِّرُهَا ثَانِيَةً كَالْمُثْبِتِ لَهَا عَلَى وُجُوهٍ وَمَعَانٍ مِنَ الْمُحَالِ وَالضَّلَالِ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْكَ إِلَى مِثْلِهَا7 أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ.
فَادَّعَيْتَ أَنَّ مِنْ تِلْكَ الْمُنْكَرَاتِ مَا رَوَى أَبُو أُسَامَةَ8، عَنْ هِشَامِ بْنِ
__________
1 فِي ط، ش "لَا يقدم".
2 الأغمار، انْظُر مَعْنَاهَا ص"147".
3 الْجَهْمِية، تقدّمت ص"138".
4 فِي ط، ش "رووها".
5 فِي ط، ش "مستشنعات".
6 فِي ط، ش "تَدْعُو" بِالتَّاءِ.
7 فِي ط، ش مثله.
8 أَبُو أُسَامَة، تقدم ص"416".
الصفحة 647