كتاب نقض الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله عز وجل من التوحيد (اسم الجزء: 2)
أوَ تَقْدِرُ1 أَنْ تُشِيرَ إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَنَّهُ يَتَوَهَّمُ ذَلِكَ2؟ فَتَعَلُّقُكَ بِهَذَا التَّفْسِيرِ الْيَوْمَ مِنْكَ مُوَارَبَةٌ3 وَاعْتِذَارٌ4 مِنْكَ إِلَى الْجُهَّالِ كَيْلَا يَفْطَنُوا لِمُرَادِكَ مِنْهَا. وَلَئِنْ كَانَ أَهْلُ الْجَهْلِ فِي غَلَطٍ مِنْ مُرَادِكَ إِنَّا مِنْهُ لَعَلَى يَقِينٍ، وَلَئِنْ جَازَ لَكَ هَذَا التَّأْوِيلُ، إِذًا يَجُوزُ لِكُلِّ زِنْدِيقٍ5 وَجَهْمِيٍّ6 أَنْ يَقُولَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ فَهُوَ كَافِرٌ.
فَإِذَا وُبِّخَ، وَوُقِفَ عَلَى دَعْوَاهُ قَالَ: إِنَّمَا قَصَدْتُ بِالْكُفْرِ قَصْدَ مَنْ يَدَّعِي بِهِ فَمًا وَلِسَانًا. وَهُوَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُشِيرَ إِلَى أَحَدٍ مِنْ وَلَدِ آدَمَ أَنَّهُ قَالَهُ، فَلَمْ يَنَلِ7 الْمُعَارِضُ عِنْدَ النَّاسِ بِاعْتِذَارِهِ عُذْرًا، بَلْ حَقَّقَ بِمَا فسَّر، وَأَكَّدَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ كَلَامُ الْمَخْلُوقِ8؛ لِأَنَّهُ قَالَ9: يُسْأَلُ من
__________
1 فِي ط، س، ش "أَو تعذر" وَلَفظ الأَصْل أوضح.
2 فِي ط، س، ش "أَن يتَوَهَّم بذلك".
3 فِي س "موارية" بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتَانِيَّة، وَفِي الأَصْل، ط، ش "مواربة" بِالْبَاء الْمُوَحدَة، وهوالصواب. قلت: المُواربَةُ المُداهاةُ والمُخاتَلَة. انْظُر: القاوس الْمُحِيط للفيروزآبادي 136/1 مَادَّة "الوَرْبُ".
4 فِي الأَصْل "واعتذارًا" وَبِمَا أثبتنا جَاءَ فِي ط، س، ش وَهُوَ الصَّوَاب.
5 الزنديق وَاحِد الزَّنَادِقَة، انْظُر ص”531".
6 الجهمي وَاحِد الْجَهْمِية، انْظُر ص”138".
7 فِي ط، س، ش "فَلم يبل"، وَمَا فِي الأَصْل أوضح.
8 فِي ط، س، ش "أَنه كَلَام الْمَخْلُوق دون الْخَالِق".
9 فِي الأَصْل "لَا قَالَ" وَلَعَلَّه سقط بعضه، وَفِي ط، س، ش "لِأَنَّهُ قَالَ" وَبِه يَسْتَقِيم السِّيَاق.
الصفحة 893