كتاب نقض الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله عز وجل من التوحيد (اسم الجزء: 2)

بِهِ مَنْ حَوْلَكَ مِنَ الْأَغْمَارِ1.
وَأَمَّا قَوْلُ: مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ جِسْمٍ فَهُوَ كَافِرٌ، فَلَيْسَ يُقَالُ كَذَلِكَ، وَلَا أَرَاكَ سَمِعْتَ أَحَدًا يَتَفَوَّهُ بِهِ كَمَا ادَّعَيْتَ، غَيْرَ أَنَّا لَا نَشُكُّ أَنَّهُ خَرَجَ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى دُونَ مَنْ سِوَاهُ2. وَذِكْرُ الْجِسْمِ3 وَالْفَمِ وَاللِّسَانِ خُرَافَاتٌ4 وَفُضُولٌ مَرْفُوعَةٌ عَنَّا، لَمْ نُكَلَّفْهُ فِي دِينِنَا، وَلَا يَشُكُّ أَحَدٌ أَنَّ الْكَلَامَ يَخْرُجُ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ.
وَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ، فَهَذَا أَيْضًا مِنْ تِلْكَ الْفُضُولِ، وَمَا رَأَيْنَا أَحَدًا يَصِفُهُ بِالْأَجْزَاءِ، وَالْأَعْضَاءِ، جلّ عَن هَذَا الْوَصْف
__________
1 الأغمار، انْظُر مَعْنَاهَا ص"147".
2 فِي ش "دون سواهُ".
3 لفظ الْجِسْم كَلَفْظِ الْجِهَة والحيز لم ترد فِي الْكتاب وَلَا السّنة نفيا وَلَا إِثْبَاتًا، وَقد يُرَاد بهَا معَان متنوعة، قَالَ شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية: "فالمعارضة بهَا لَيست مُعَارضَة بِدلَالَة شَرْعِيَّة، لَا من كتاب وَلَا من سنة وَلَا إِجْمَاع، بل وَلَا أثر عَن صَاحب أَو تَابع، وَلَا إِمَام من الْمُسلمين، بل الْأَئِمَّة الْكِبَار أَنْكَرُوا على الْمُتَكَلِّمين بهَا وجعلوهم من أهل الْكَلَام الْبَاطِل المبتدع، وَقَالُوا فِيهَا أقوالًا غَلِيظَة مَعْرُوفَة عَن الْأَئِمَّة؛ كَقَوْل الشَّافِعِي رَحمَه الله: حكمي فِي أهل الْكَلَام أَن يضْربُوا بالجرد وَالنعال وَيُطَاف بهم فِي الْقَبَائِل والعشائر، وَيُقَال: هَذَا جَزَاء من ترك الْكتاب وَالسّنة وَأَقْبل على الْكَلَام"، انْظُر: مَجْمُوع الْفَتَاوَى 298/5، وَانْظُر: مَا ذَكرْنَاهُ تَعْلِيقا على هَذَا المُصَنّف ص"223".
4 الخراف والخرافة، تقدم مَعْنَاهُمَا ص"682".

الصفحة 897