كتاب التوشيح شرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 4)

قال: وأما ذكر يوم القيامة في تلك الرواية، فلأنه يوم الجزاء، وفيه يظهر ريحان الخلوف في الميزان على المسك المستعمل لدفع الرائحة الكريهة طلبًا لرضى الله، حيث يؤمر اجتنابها ونظيره: {وإن ربهم بهم يومئذ لخبير}، وهو خبير بهم في كل يوم.
ويؤخذ من الحديث: تفضيل الخلوف على دم الشهيد، لأن الدم شبه بريح المسك، والخلوف وصف بأنه "أطيب".
(يترك)، زاد أحمد قبله: "يقول الله".
(وشهوته)، زاد ابن خزيمة: "وزوجته".
(الصيام لي وأنا أجزي به)، اختلف في معناه، مع أن الأعمال كلها لله تعالى، وهو الذي يجزي بها، فقيل: إنما خص الصوم لأنه ليس يظهر من ابن آدم، ولا يطلع عليه، وإنما هو شيء في القلب بخلاف سائر الأعمال، فإنها أفعال وحركات ترى وتشاهد، ويؤيده حديث: "الصيام لا رياء فيه" أخرجه البيهقي في "الشعب".
وقيل: المعنى أن العبادات قد كشف مقادير ثوابها للناس، وأنها تضعف من عشرة إلى سبعمائة، إلا الصوم، فإن الله تفرد بعلم مقدار ثوابه، وتضعيف حسناته، فقوله: "وأنا أجزي به" أي: جزاءً كثيرًا من غير تعيين لمقداره كقوله: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}، ويؤيده حديث: "إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم، فإنه لا يدري أحدها فيه" أخرجه سمويه، وللطبراني: "الأعمال عند الله سبع"، وفيه: "وعمل لا يعلم ثوابه عامله إلا الله وهو الصيام".
وقيل: معناه أنه أحب العبادات إليّ والمقدم عندي، وقيل: لأن الصيام لم يعبد به غير الله بخلاف الصلاة والصدقة والطواف، ونحو ذلك، وقيل: "إن جميع العبادات توفي منها مظالم العباد إلا الصوم" أخرجه البيهقي عن ابن عيينة قال: "إذا كان يوم القيامة يحاسب الله عبده ويؤدي

الصفحة 1414