كتاب التوشيح شرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 1)

لطول مدته، فعادوا على الشرك فاستحقوا العذاب، وأجاب ابن دقيق العيد (بأن التوحيد) (1) يجوز أن يكون عاما في حق بعض الأنبياء وإن كان التزام فروع شريعته ليس عامًّا؛ لأن منهم من قاتل غير قومه على الشرك ولو لم يكن التوحيد لازمًا لهم لم يقاتلهم.
وقال ابن حجر: يحتمل أنه لم يكن في الأرض عند إرسال نوح إلى قومه، فبعثته خاصة لكونها إلى قومه فقط لعدم وجود غيرهم، لكن لو اتفق وجود غيرهم لم يكن مبعوثًا إليهم.
قلت: هذا عندي أحسن الأجوبة، ويرشحه أمران:
أحدهما: قرب مدته من آدم، فكان النسب بينه وبين الموجودين نسبًا قريبا غير بعيد، وهو المراد بالقوم.
والثاني: طول مدته، فإن ألف سنة إلا خمسين عامًا ينتشر فيها من عشيرة الإنسان ما يملأ الأرض.
(وبعثت إلى الناس عامة)، لمسلم: "وبعثت إلى كل أحمر وأسود"، فقيل: المعجم والعرب، وقيل: الإنس والجن.
وله عن أبي هريرة: "وأرسلت إلى الخلق كافة".

2 - بَابُ إِذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلاَ تُرَابًا
336 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلاَدَةً فَهَلَكَتْ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فَوَجَدَهَا، «فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلاَةُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَصَلَّوْا، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ» فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ لِعَائِشَةَ: جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ، إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكِ لَكِ وَلِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ خَيْرًا.

الصفحة 434