كتاب مباحث في علوم القرآن لمناع القطان

ويذكر العلماء تعريفًا له يُقَرِّبُ معناه ويميزه عن غيره، فيُعَرِّفُونَهُ بأنه: "كلام الله، المنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- المتعبد بتلاوته". فـ "الكلام" جنس في التعريف، يشمل كل كلام، وإضافته إلى "الله" يُخْرِجُ كلام غيره من الإنس والجن والملائكة.
و"المنزَّل" يُخْرِج كلام الله الذي استأثر به سبحانه: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} 1، {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّه} 2.
وتقييد المنزَّل بكونه "على محمد, صلى الله عليه وسلم" يُخرج ما أُنْزِلَ على الأنبياء قبله كالتوراة والإنجيل وغيرهما.
و"المتعبد بتلاوته" يُخرج قراءات الآحاد، والأحاديث القدسية -إن قلنا إنها منزَّلة من عند الله بألفاظها- لأن التعبد بتلاوته معناه الأمر بقراءته في الصلاة وغيرها على وجه العبادة، وليست قراءة الآحاد والأحاديث القدسية كذلك.
__________
1 الكهف: 109.
2 لقمان: 27.
أسماؤه وأوصافه:
وقد سماه الله بأسماء كثيرة:
منها "القرآن". {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} 1.
و"الكتاب". {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ} 2.
و"الفرقان". {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} 3.
__________
1 الإسراء: 9.
2 الأنبياء: 10.
3 الفرقان: 1.

الصفحة 17