فإن ضمير "هو" يعود على العدل الذي يتضمنه لفظ "اعدلوا" أي إن العدل أقرب للتقوى, أو دالًّا عليه بالتزام كقوله: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} 1, فالضمير في "إليه" يعود على العافي الذي يستلزمه "عُفِيَ".
وقد يكون المرجع متأخرًا لفظًا لا رتبة كقوله: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} 2، أو لفظًا ورتبة كما في باب ضمير الشأن والقصة ونعم وبئس كقوله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} 3، وقوله: {فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ} 4, وقوله: {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} 5، وقوله: {سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ} 6، أو متأخرًا دالًّا عليه كقوله: {فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ} 7, فضمير الرفع مضمر يدل عليه "الحلقوم"، والتقدير: فلولا إذا بلغت الروح الحلقوم, أو مفهومًا من السياق كقوله: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} 8, أي على الأرض، وقوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} 9, أي القرآن، وقوله: {عَبَسَ وتَوَلَّى} 10, أي النبي -صلى الله عليه وسلم- وقوله: {أَمْ يَقُولُونَ افتْرَاهُ} 11, فالواو في "يقولون" للمشركين، وفاعل "افترى" للنبي -صلى الله عليه وسلم- ومفعوله للقرآن.
وربما عاد الضمير على اللفظ دون المعنى كقوله: {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ} 12, فالضمير في "عمره" المراد به عمر معمر آخر، قال الفراء: يريد آخر غير الأول، فكنى عنه بالضمير كأنه الأول، لأن لفظ الثاني لو ظهر كان كالأول، كأنه قال: ولا ينقص من عمر معمر، فالكناية في عمره ترجع إلى آخر غير الأول، ومثله قولك: عندي درهم ونصفه، أي نصف آخر"13.
__________
1 البقرة: 178.
2 طه: 67.
3 الإخلاص: 1.
4 الأنبياء: 97.
5 الكهف: 5.
6 الأعراف: 177.
7 الواقعة: 83.
8 الرحمن: 26.
9 القدر: 1.
10 عبس: 1.
11 هود: 13.
12 فاطر: 11.
13 راجع كتب التفسير في ذلك.