كتاب مباحث في علوم القرآن لمناع القطان

ومثاله عزيز، إذ ما من عام إلا ويتخيل فيه التخصيص، وذكر الزركشي في "البرهان" أنه كثير في القرآن. وأورد منه قوله تعالى: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ} 1.
وقوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} 3. فإنه لا خصوص فيها.
الثاني: العام المراد به الخصوص - كقوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} 4, فالمراد بالناس الأولى نعيم بن مسعود، والمراد بالناس الثانية أبو سفيان لا العموم في كل منهما، يدل على هذا قوله تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ} 5, فوقعت الإشارة بقوله: {ذَلِكُمُ} إلى واحد بعينه، ولو كان المعنى به جمعًا لقال: "إنما أولئكم الشيطان" وكقوله تعالى: {فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ} 6, والمنادى جبرائيل كما في قراءة ابن مسعود، وقوله: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} 7, والمراد بالناس إبراهيم، أو سائر العرب غير قريش.
الثالث: العام المخصوص - وأمثلته في القرآن كثيرة وستأتي.
ومنه قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} 8.
وقوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} 9.
__________
1 النساء: 176.
2 الكهف: 49.
3 النساء: 23.
4 آل عمران: 173.
5 آل عمران: 175.
6 آل عمران: 39.
7 البقرة: 199.
8 البقرة: 187.
9 آل عمران: 97.

الصفحة 230