كتاب مباحث في علوم القرآن لمناع القطان

فيه حد، والكبائر كل ذنب عاقبته النار، واللَّمم ما بين الحدين من الذنوب، ولم يكن بمكة حد ولا نحوه1.
10- ما حُمل من مكة إلى المدينة: ومن أمثلته سورة {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} 2, أخرج البخاري عن البرَّاء بن عازب قال: "أول من قدم علينا من أصحاب النبي, صلى الله عليه وسلم: مصعب بن عمير، وابن أم مكتوم، فجعلا يقرئاننا القرآن. ثم جاء عمار وبلال وسعد، ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين. ثم جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم به، فما جاء حتى قرأتُ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} في سورة مثلها" وهذا المعنى يصدق على كل ما حمله المهاجرون من القرآن وعلموه الأنصار.
11- ما حُمل من المدينة إلى مكة: ومن أمثلته أول سورة "براءة"، حيث أمَّر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر على الحج في العام التاسع. فلما نزل صدر سورة "براءة" حمَّله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليَّ بن أبي طالب ليلحق بأبي بكر حتى يبلِّغ المشركين به. فأذَّن فيهم بالآيات وأبلغهم ألا يحج بعد العام مشرك.
12- ما نزل ليلًا وما نزل نهارًا: أكثر القرآن نزل نهارًا، أما ما نزل بالليل فقد تتبعه القاسم الحسن بن محمد بن حبيب النيسابوري واستخرج له أمثلة منها: أواخر آل عمران: أخرج ابن حبان في صحيحه، وابن المنذر، وابن مردويه وابن أبي الدنيا عن عائشة رضي الله عنها: أن بلالًا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- يؤذنه لصلاة الصبح فوجده يبكي، فقال: يا رسول الله.. ما يبكيك؟ قال: "وما يمنعني أن أبكي وقد أُنزل عليَّ هذه الليلة": {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الأَلْبَابِ} 3.. ثم قال: " ويل لمن قرأها ولم يتفكر".
__________
1 الإتقان: جـ1 ص18.
2 الأعلى: 1.
3 آل عمران: 190.

الصفحة 56