كتاب الفروق الفقهية والأصولية

موضوعه (١):
إن بيان موضوع العلم يُعَدّ من الأمور الهامة، عند العلماء، وقد أولوه عنايتهم، وجعلوه أحد المبادئ العشرة، أو الرؤوس الثمانية في اصطلاحاتهم (٢) ويعود ذلك إلى أنه المميز للعلم عن غيره، والمحدد لمجالاته التي لا ينبغي أن تتداخل مع غيرها.
ويريدون بموضوع العلم ما يُبْحَث في ذلك العلم عن عارضه الذاتية، كالكلمة فإنها موضوع علم النحو، إذ يبحث فيه عما يعرض لها من حيث الإعراب والبناء، وأنواع الإعراب من رفع ونصب وجر وجزم، وكالأدلة، أو الأدلة والأحكام، فإنها موضوع أصول الفقه؛ إذ يبحث فيه عما يعرض لها من حيث الحجية وعدمها، وكيفية الاحتجاج بها، وغير ذلك (١).
---------------
(١) انظر معنى موضوع العلم، وأنواع العوارض في كتابنا: أصول الفقه- الحد والموضوع والغاية (ص ٨).
(٢) وهذه المبادئ هي: الاسم، الحد، والموضوع، والمسائل والمباحث، والعلوم التي استمد منها، ونسبته إلى العلوم الأخرى، وفضله، وفائدته، وواضعه، وحكمه الشرعي، وقد نظم هذه المبادئ أكثر من واحد، منهم ابن ذكري في كتابه تحصيل المقاصد، بقوله:
فأول الأبواب في المبادئ ... وتلك عشرة على المراد
الحد، والموضوع، ثم الواضع، ... والاسم، الاستمداد، حكم الشارع
تصور المسائل، الفضيلة ... ونسبةٌ، فائدة جليلة
(انظر رد المحتار لابن عابدين ١/ ٣٦).
كما نظمها العلامة الصبان، بقوله:
إن مبادئ كل فن عشره ... الحد، والموضوع، ثم الثمره
وفضله، ونسبة، والواضع، ... والاسم، الاستمداد، حكم الشارع
مسائل، والبعض بالبعض اكتفى ... ومن درى الجميع حاز الشرفا
(انظر إيضاح القواعد الفقهية للشيخ عبد الله بن سعيد اللحجي ص ٩).

الصفحة 26