كتاب نعمة الذريعة في نصرة الشريعة

فَهَذَا هُوَ الْعلم الْمُقْتَضِي للأفضلية فَإِن الْأَفْضَلِيَّة إِنَّمَا هِيَ بِكَثْرَة الثَّوَاب وَزِيَادَة الدَّرَجَات فِي الْقرب إِلَى الله تَعَالَى لَا معرفَة حقائق الْأَشْيَاء كَمَا ذهبت إِلَيْهِ الفلاسفة وَهَذِه الطَّائِفَة فَإِن الله تَعَالَى قد نفى الْعلم عَن مثل هَؤُلَاءِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ يعلمُونَ ظَاهرا من الْحَيَاة الدُّنْيَا وهم عَن الْآخِرَة هم غافلون}
وَأي فَضِيلَة فِي معرفَة أَن الله تَعَالَى هُوَ الظَّاهِر فِي صور الْأَشْيَاء وَهِي الظَّاهِرَة فِيهِ فَهُوَ مرْآة لَهُ إِلَى آخر مَا ذكره هَذَا الشَّخْص فِي مثل هَذَا الْموضع وَكَيف ينْسب ويسند مثل هَذِه الخرافات إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا هِيَ إِلَّا تَضْييع أَوْقَات فِي غير طائل
وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الْهَادِي المضل وَإِلَيْهِ يرجع الْأَمر كُله
ثمَّ قَالَ عقيب هَذَا وَلما مثل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النُّبُوَّة بِالْحَائِطِ من اللَّبن وَقد كمل سوى مَوضِع لبنة فَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تِلْكَ اللبنة غير أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَرَاهَا إِلَّا كَمَا قَالَ لبنة وَاحِدَة
وَأما خَاتم الْأَوْلِيَاء فَلَا بُد لَهُ من هَذِه الرُّؤْيَا فَيرى مَا مثله بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيرى فِي الْحَائِط مَوضِع لبنتين
واللبنتين من ذهب وَفِضة
فَيرى اللبنتين اللَّتَيْنِ ينقص الْحَائِط عَنْهُمَا وتكمل بهما لبنة فضَّة ولبنة ذهب
فَلَا بُد أَن يرى نَفسه تنطبع فِي مَوضِع تينك اللبنتين
فَيكون خَاتم الْأَوْلِيَاء تينك اللبنتين فيكمل الْحَائِط إِلَى آخر مَا ذكره
أَقُول هَذَا الْكَلَام فِيهِ اخْتِلَاف من وُجُوه مِنْهَا أَن الممثل على مَا ذكر هُوَ النُّبُوَّة فَأَي دخل لغير النَّبِي فِيهِ حَتَّى يكون مَوضِع لبنتين أَو لبنة

الصفحة 37