كتاب نعمة الذريعة في نصرة الشريعة

ثمَّ قَالَ فَعلم الْعلمَاء بِاللَّه مَا أَشَارَ إِلَيْهِ نوح فِي حق قومه من الثَّنَاء عَلَيْهِم بِلِسَان الذَّم وَعلم أَنهم إِنَّمَا لم يجيبوا دَعوته لما فِيهَا من الْفرْقَان وَالْأَمر قُرْآن لَا فرقان إِلَخ
أَقُول انْظُر كَيفَ يمهد أعذار الْكفَّار ويمدحهم وَالله سُبْحَانَهُ قد مَلأ كتبه بذمهم ويسند ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
ثمَّ قَالَ وَلِهَذَا مَا اخْتصَّ بِالْقُرْآنِ إِلَّا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهَذِه الْأمة الَّتِي هِيَ خير أمة أخرجت للنَّاس {لَيْسَ كمثله شَيْء}
فَجمع الْأَمر فِي أَمر وَاحِد
فَلَو أَن نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام يَأْتِي بِمثل هَذِه الْآيَة لفظا لأجابوه إِلَخ
فلأي شَيْء مَا أجابوا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أَتَى بهَا لفظا فَعلم أَن شرطيته هَذِه كذب وَالْحق شَرْطِيَّة الله تَعَالَى
قَالَ تَعَالَى {وَلَو أننا نزلنَا إِلَيْهِم الْمَلَائِكَة وكلمهم الْمَوْتَى وحشرنا عَلَيْهِم كل شَيْء قبلا مَا كَانُوا ليؤمنوا إِلَّا أَن يَشَاء الله وَلَكِن أَكْثَرهم يجهلون}
قَالَ ثمَّ قَالَ عَن نَفسه أَنه دعاهم ليغفر لَهُم لَا ليكشف لَهُم وفهموا ذَلِك مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
لذَلِك جعلُوا أَصَابِعهم فِي آذانهم واستغشوا ثِيَابهمْ وَهَذِه كلهَا صُورَة السّتْر الَّتِي

الصفحة 45