كتاب نعمة الذريعة في نصرة الشريعة

بِمَعْنى أَنه كلفك حكما مِنْهُ عَلَيْك حَتَّى تكون اسْم مفعول بل أَنْت الَّذِي حكمت على نَفسك بل عَلَيْهِ
بِمَا اقْتَضَاهُ حالك فَانْظُر إِلَى هَذِه التكلفات الَّتِي أردْت بهَا الْإِشْرَاك بَين العَبْد والرب ثمَّ تمم ذَلِك بالأبيات حَيْثُ قَالَ
(فيحمدني وأحمده ... ويعبدني فأعبده)
(فَفِي حَال أقربه ... وَفِي الْأَعْيَان أجحده)
(فيعرفني وَأنْكرهُ ... وأعرفه فأشهده)
(فَأَنِّي بالغني وَأَنا ... أساعده وأسعده)
(لذاك الْحق أوجدني ... فَأعلمهُ فأوجده)
(بذا جَاءَ الحَدِيث لنا ... وحقق فِي مقْصده)
أَقُول قَالَ شَارِحه أَي يحمدني بإيجادي على صورته وتكميلي بنفسي ويعبدني بخلقي وإيجادي فَإِن ذَلِك نوع خدمَة وَعبادَة فأعبده بِالْفَاءِ للنتيجة أَي تترتب عبادتي على عِبَادَته لي بالإيجاد والإظهار ثمَّ اعتذر عَنهُ بِأَن إِطْلَاق الْعِبَادَة على الْحق وَإِن كَانَ تشنيعا ونوعا من سوء الْأَدَب فِي الظَّاهِر لَكِن أَحْكَام التجليات الإلهية إِذا غلبت على الْقلب بِحَيْثُ يُخرجهُ عَن دَائِرَة التَّكْلِيف وطور الْعقل لَا يقدر الْقلب على مُرَاعَاة الْأَدَب أصلا وَترك الْأَدَب أدب انْتهى

الصفحة 55