كتاب نعمة الذريعة في نصرة الشريعة

فِي حق الْحق لما فِيهِ من طلب الْمُرَجح
أَقُول الثَّنَاء من الله سُبْحَانَهُ قد ورد بِصدق الْوَعْد وبصدق الْوَعيد مَعًا فَإِن الْخلف كذب وَهُوَ تَعَالَى منزه عَن الْكَذِب وَإِنَّمَا حسن الْكَذِب فِي الْوَعيد من الْخلق لأَنهم جاهلون بالعواقب قابلون للتغير والبداء
يحملهم على الْوَعيد سُورَة الْغَضَب بِخِلَاف الْحق سُبْحَانَهُ فَلَا يُقَاس عَلَيْهِم
وتمدحه تَعَالَى بِصدق الْوَعْد فِي الْآيَة الْمَذْكُورَة عين تمدحه بِصدق الْوَعيد فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ {فَأوحى إِلَيْهِم رَبهم لَنهْلكَنَّ الظَّالِمين ولنسكننكم الأَرْض من بعدهمْ}
ثمَّ قَالَ سُبْحَانَهُ {فَلَا تحسبن الله مخلف وعده رسله}
ووعده رسله هُوَ إهلاك الظَّالِمين وَهُوَ وَعِيد لَهُم فَلم يخلف الْوَعْد وَلم يخلف الْوَعيد استلزاما هَذَا فِي الدُّنْيَا
وَقَالَ تَعَالَى فِي الْآيَة الْأُخْرَى الَّتِي هِيَ فِي الْأُخْرَى {قَالَ قرينه رَبنَا مَا أطغيته وَلَكِن كَانَ فِي ضلال بعيد قَالَ لَا تختصموا لدي وَقد قدمت إِلَيْكُم بالوعيد مَا يُبدل القَوْل لدي وَمَا أَنا بظلام للعبيد}
فقد نفى سُبْحَانَهُ عَن ذَاته المقدسة تَبْدِيل القَوْل وَهُوَ عَام متناول للوعيد تناولا أوليا لقُرْبه مِنْهُ وإردافه بقوله {وَمَا أَنا بظلام للعبيد}
على أَن الْحق أَن اللَّام عهدية مُخْتَصَّة بالوعيد الْمَذْكُور
وَقَوله تَعَالَى {ونتجاوز عَن سيئاتهم} الْآيَة فِي حق الْمُؤمنِينَ الْقَائِل كل مِنْهُم

الصفحة 69