كتاب نعمة الذريعة في نصرة الشريعة

الْبعد فَزَالَ مُسَمّى جَهَنَّم فِي حَقهم ففازوا بنعيم الْقرب من جِهَة الِاسْتِحْقَاق لأَنهم مجرمون فَمَا أَعْطَاهُم هَذَا الْمقَام الذوقي اللذيذ من جِهَة الْمِنَّة وَإِنَّمَا أَخَذُوهُ بِمَا استحقته حقائقهم من أَعْمَالهم الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا
أَقُول انْظُر إِلَى هَذَا التحريف والإلحاد فِي آيَات الله تَعَالَى وقلب مَعَاني مَا أَرَادَهُ الله تَعَالَى بهَا من الذَّم والتحريف إِلَى الْمَدْح والأمن فَمَا تَحْرِيف الْيَهُود التَّوْرَاة فِي جنب هَذَا التحريف مَعَ اعْتِقَادهم بُطْلَانه إِلَّا كذرة فِي الصَّحرَاء لَا ترى أطرافها
ثمَّ يُقَال لَهُ جعلك الله تَعَالَى فِي ذَلِك الْمقَام الَّذِي مدحته إِن كنت مت على هَذَا الِاعْتِقَاد لِأَنَّك مُسْتَحقّه
قَالَ وَكَانُوا فِي السَّعْي فِي أَعْمَالهم على صِرَاط الرب الْمُسْتَقيم لِأَن نواصيهم كَانَت بيد من لَهُ هَذِه الصّفة
أَقُول كَأَنَّك عميت وصممت عَن قَوْله تَعَالَى {وَإِن الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة عَن الصِّرَاط لناكبون} وَقَوله تَعَالَى {اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم صِرَاط الَّذين أَنْعَمت عَلَيْهِم غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين}
وَإِذا لم يكن قوم هود مغضوبا عَلَيْهِم وَلَا ضَالِّينَ فَمن المغضوب عَلَيْهِم والضالون وهم الَّذين قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي حَقهم {وَتلك عَاد جَحَدُوا بآيَات رَبهم وعصوا رسله وَاتبعُوا أَمر كل جَبَّار عنيد}

الصفحة 78