كتاب نعمة الذريعة في نصرة الشريعة

فَإِن زعم أَنه من العذوبة رددناه بآيَات التضجر والاستغاثة كَمَا تقدم فَإِن كَابر وَقَالَ قد يستغاث ويتضجر من زِيَادَة اللَّذَّة قُلْنَا لَهُ وَلم يتضجر أهل الْجنَّة من ذَلِك فَإِن زعم أَن لذتهم أعظم من لَذَّة أهل الْجنَّة قُلْنَا لَهُ خلدك الله تَعَالَى فِي ذَلِك أَبَد الآبدين حَيْثُ كنت لَهُ من المعتقدين
قَالَ فِي الْكَلِمَة الصالحية اعْلَم وفقك الله تَعَالَى أَن الْأَمر مَبْنِيّ فِي نَفسه على الفردية وَلها التَّثْلِيث فَهِيَ من الثَّلَاثَة فَصَاعِدا
فالثلاثة أول الْإِفْرَاد
وَعَن هَذِه الحضرة الإلهية وجد الْعَالم فَقَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا قَوْلنَا لشَيْء إِذا أردناه أَن نقُول لَهُ كن فَيكون}
فَهَذِهِ ذَات ذَات إِرَادَة وَقَول
فلولا هَذِه الذَّات وإرادتها وَهِي نِسْبَة التَّوَجُّه بالتخصيص لتكوين أَمر مَا ثمَّ قَوْله عِنْد هَذَا التَّوَجُّه كن كَذَلِك الشَّيْء مَا كَانَ ذَلِك الشَّيْء ثمَّ ظَهرت الفردية الثلاثية أَيْضا فِي ذَلِك الشَّيْء وَبهَا من جِهَته صَحَّ تكوينه واتصافه بالوجود وَهِي شيئيته وسماعه وامتثاله أَمر مكونه بالإيجاد
فقابل ثَلَاثَة بِثَلَاثَة ذَاته الثَّابِتَة فِي حَال عدمهَا فِي موازنة ذَات موجدها وسماعه فِي موازنة إِرَادَة موجده وقبوله بالامتثال لما أمره بِهِ من التكوين فِي موازنة قَوْله كن فَكَانَ هُوَ فنسب التكوين إِلَيْهِ فلولا أَنه فِي قُوَّة التكوين عِنْد هَذَا القَوْل مَا تكون فَمَا أوجد هَذَا الشَّيْء بعد أَن لم يكن عِنْد الْأَمر

الصفحة 91