كتاب التعيين في شرح الأربعين (اسم الجزء: 1)

البحث الرابع: قوله: "لكن البينة على المدعي، واليمين على من أنكر" إن قيل: لكن معناها الاستدراك، وهي إنما تكون بين نفي وإثبات نحو ما قام زيد، لكن عمرو قام، وزيد قائم، لكن عمرو لم يقم. وليست لكن هاهنا كذلك، إذ لا (أ) بعدها إثبات، ولا نفي قبلها.
قلنا: هي كذلك في المعنى، إذ معنى قوله: "لو يعطى الناس بدعواهم" لا يعطى الناس بدعواهم المجردة، لكن بالبينة، وهي على المدعي، وهو كلام صحيع جار على القاعدة في لكن.
البحث الخامس: قد كان يمكن أن يقال: البينة على المدعي واليمين على المنكر، والبينة على من ادعى واليمين على من أنكر، والبينة على من ادعى واليمين على المنكر، والبينة على المدعي واليمين على من أنكر، كما في لفظ الحديث، فلم خص هذه العبارة، دون العبارات الثلاث الأُوَّلِ؟
قلنا: يحتمل أن يكون هذا من باب الاتفاق، وأنه لو أتى بغير هذه العبارة من تلك العبارات لجاز، ويحتمل أن يقال: إن في المدعى ضربا من التعريف المعنوي لظهوره وإقدامه على الدعوى فأتى فيه بلام التعريف المناسب له، والمنكر فيه ضرب من الإبهام والتنكير لاستخفائه (ب) وتأخره وكونه إذا (جـ) سكت لم يترك، فأتي فيه بِمَنْ إذ فيها إبهام وتنكير شبيه بحاله،
¬__________
(أ) في (ب) ليس.
(ب) في (ب) لإخفائه.
(جـ) في م إن.

الصفحة 285