وأفضل المسلمين أصحاب الهجرتين إلَّا ما خَصَّهُ الدليل. وقوله عليه الصَّلاة والسلام "لا هجرة بعد الفتح" (¬1) يعني من مكّة لأنها حينئذٍ دار الإسلام.
أما من سائر بلاد الكفر فهي باقية لقوله عليه الصَّلاة والسلام: "لا تنقطع الهجرة حتَّى تخرج (أ) الشّمس من مغربها" (¬2).
ومنها قوله: "لدنيا يصيبها" أي يحصلها شَبَّه تحصيل الدُّنيا بإصابَة الغرض بالسهم بجامع حصول المقصود.
وأمَّا معانيه ففيها أبحاث.
الأول: (إنَّما) تقتضي تأكيد الحكم الواقع بعدها اتفاقًا.
أما الحصر وهو: إثبات الحكم لما بعدها، ونفيه عما عداه ففيه للأصوليين أقوال (¬3): ثالثها: أنها تقتضيه عرفًا لا وضعًا.
حجة الحصر مطلقًا من وجوه:
أحدها: أنها صُدرَت (ب) في كلامهم والمراد بها الحصر فوجب أن تكون حقيقة فيه، إذ الأصل في الإطلاق الحقيقة.
الثَّاني: أنها في غالب مواردها للحصر فوجب أن تكون موضوعة له حملًا لها على غالب مواردها.
¬__________
(أ) في م تطَّلع.
(ب) في م وردت.
(¬1) رواه البُخاريّ 2/ 651 ومسلم 2/ 986 من حديث ابن عباس.
(¬2) لم أقف عليه بهذا اللفظ.
(¬3) ينظر التمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب الحنبلي 1/ 115.