كتاب التعيين في شرح الأربعين (اسم الجزء: 1)

والظاهر أن البغض والكراهة واحد، أو هما متقاربان.
واعلم أن التباغض بين شخصين إما من الطرفين بأن يُبغض كل واحد منهما صاحبه، أو من أحدهما بأن يبغض أحدهما صاحبه دون الآخر، فهي ثلاث صور.
ثم البغض فيهن إما لله عزَّ وجلَّ أو لغيره، والتباغض والبغض حرام للنهي عنه إلا في الله عزَّ وجلَّ فإنه واجب ومن كمال الإيمان، لقوله عزَّ وجلَّ {لا تتخدوا عدوي وعدوكم أولياء} [سورة الممتحنة: 1] وقوله عليه الصلاة والسلام: "من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان" (¬1).
فإذًا عموم النهي عن التباغض مخصوص بالبغض في الله عزَّ وجلَّ، فهو محرم خص بواجب أو مندوب، فإذا تباغض اثنان في الله عزَّ وجلَّ أثيبا على غيرتهما لله وتعظيم حقه، وإن كانا عند الله عزَّ وجلَّ من أهل السلامة أو الزلفة، وذلك بأن يؤدي كل منهما اجتهاده إلى اعتقادٍ أو عملٍ ينافي اجتهاد الآخر فيبغضه على ذلك، وهو معذور عند الله عزَّ وجلَّ بخروجه عن عهدة التكليف بالاجتهاد.
وأحسب -إن شاء الله تعالى- أن تخالف (أ) طوائف الأمة وفرقها من
¬__________
(أ) في ب، م غالب.
(¬1) رواه أحمد 3/ 438، وأبو داود 5/ 60 والبغوي في شرح السنة من حديث أبي أمامة وحَسَّن سنده الشيخ شعيب الأرنؤوط في تحقيق شرح السنة.

الصفحة 298