كتاب التعيين في شرح الأربعين (اسم الجزء: 1)

وقوله: "إنك ما دعوتي ورجوتني غفرت لك" لأن الدعاء مخ العبادة، والرجاء يتضمن حسن الظن بالله عزَّ وجلَّ وهو يقول: "أنا عند ظن عبدي بي" (¬1) وعند ذلك تتوجه رحمة الله تعالى إلى العبد، وإذا توجهت لا يتعاظمها شيء لأنها وسعت كل شيء.
وقوله: "ولا أبالي" كأنَّه من البال، فإذا قال القائل: لا أبالي، كأنه قال: لا يشتغل بالي بهذا الأمر، أو شبيه (أ) بذلك.
قوله: "لو بلغت ذنوبك عنان السماء" إلى آخره أي: ملأت الأرض والفضاء حتى ارتفعت إلى السماء "ثم استغفرتني غفرت لك" وذلك لأن الله عزَّ وجلَّ كريم، والاستغفار استقالة والكريم يقبل العثرة ويغفر الزلة.
وقال حاتم الطائي:
وأَغْفِرُ عَوْرَاءَ الكَرِيمِ ادخَارَهُ ... وأُعْرِضُ عَن شَتْمِ اللَّئِيمِ تكَرُّمَا (¬2)
وفي التنزيل {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [سورة نوح: 11] {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [سورة هود: 3] الآية ونحوها (ب). وفي الحديث "لو أنكم لا تذنبون لذهب الله بكم،
¬__________
(أ) في م شبه.
(ب) في م ونحو هذا.
(¬1) سبق تخريجه.
(¬2) ديوان شعر حاتم بن عبد الله الطائي وأخباره ص 238 ورواية الديوان هكذا.
وأغفِرُ عَورَاءَ الكريمِ اصطِنَاعَهُ ... وأصفَحُ عن شتم اللئيم تكرمًا

الصفحة 335