كتاب التعيين في شرح الأربعين (اسم الجزء: 1)

الحديث الخامس:
عن أم المؤمنين أم عبد الله عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ" رواه البخاري ومسلم (¬1)، وفي رواية لمسلم "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ".
الكلام على إسناده ولفظه ومعناه.
أما إسناده ففي موضعين:
أحدهما: أن عائشة رضي الله عنها وغيرها من أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقال لهن: أمَّهات المؤمنين لقوله عزَّ وجلَّ {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم} [سورة الأحزاب: 6] ولهذا حرم نكاحهن على غيره بدليل {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا} [سورة الأحزاب: 53] ولأنه لما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - للناس كالأب لرأفته ورحمته بهم -ولذلك قال: "إنما أنا لكم كالوالد أعلمكم" (¬2) كُنَّ أزواجه كالأمَّهات لهم، فأمَّا قوله عزَّ وجلَّ {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله} [سورة الأحزاب: 40] فالمراد نفي أبوة النسب، ولذلك لم يعش له ابن حتى يصير من الرجال.
الموضع الثاني: إنما كنيت عائشة أم عبد الله بابن أختها أسماء، روي أنها قالت: يا رسول الله كل نسائك لهن كنى إلا أنا، فقال: "اكتني بابن
¬__________
(¬1) رواه البخاري 2/ 959 ومسلم 3/ 1343 - 1344.
(¬2) رواه أبو داود 1/ 18 والنسائي 1/ 38 وابن ماجه 1/ 114 من حديث أبي هريرة.

الصفحة 91