كتاب المسند المصنف المعلل (اسم الجزء: 36)

فتكلم أَبو بكر، فحمد الله، وأثنى عليه, ثم قال: إن الله عز وجل يقول: {إنك ميت وإنهم ميتون}، حتى فرغ من الآية، {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات, أو قتل انقلبتم على أعقابكم}، حتى فرغ من الآية، فمن كان يعبد الله عز وجل، فإن الله حي, ومن كان يعبد محمدا، فإن محمدا قد مات، فقال عمر: أوإنها لفي كتاب الله؟ ما شعرت أنها في كتاب الله, ثم قال عمر: يا أيها الناس، هذا أَبو بكر، وهو ذو شيبة المسلمين، فبايعوه، فبايعوه» (¬١).
- وفي رواية: «عن عائشة، أن أبا بكر، رضي الله عنه، دخل على النبي صَلى الله عَليه وسَلم بعد وفاته، فوضع فمه بين عينيه، ووضع يديه على صدغيه، وقال: وانبياه، واخليلاه، واصفياه» (¬٢).
- وفي رواية: «عن عائشة، أن أبا بكر قبل النبي صَلى الله عَليه وسَلم بعد موته» (¬٣).
- وفي رواية: «كان رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم يتوشحني وأنا حائض، ويصيب من رأسي، وبيني وبينه ثوب» (¬٤).
- وفي رواية: «عن عائشة، أن رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم بعث إلى النساء، تعني في مرضه، فاجتمعن، فقال: إني لا أستطيع أن أدور بينكن، فإن رأيتن أن تاذن لي فأكون عند عائشة فعلتن، فأذن له» (¬٥).
---------------
(¬١) اللفظ لأحمد (٢٦٣٦٥).
(¬٢) اللفظ لأحمد (٢٤٥٣٠).
(¬٣) اللفظ لابن أبي شيبة.
(¬٤) اللفظ للدارمي.
(¬٥) اللفظ لأبي داود.
- وفي رواية: «عن ابن بابنوس، قال: دخلت أَنا ورجلان آخران على عائشة أُم المؤمنين، فقال لها رجل منا: يا أُم المؤمنين، ما تقولين في العراك؟ قالت: وما العراك؟ المحيض هو؟ قال: نعم، قالت: فهو المحيض كما سماه

⦗٥١٦⦘
الله، قالت:
«كأَني إِذا كان ذاك اتزرت بإِزاري، فكان له ما فوق الإِزار».
فأَنشأَت تحدثنا، قالت:
«ما مر رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم على بابي يوما قط، إِلا قد قال كلمة تقر بها عيني، قالت: فمر يوما فلم يكلمني، ومر من الغد فلم يكلمني، قالت: ومر من الغد فلم يكلمني، ومر من الغد فلم يكلمني، قلت: وجد علي النبي صَلى الله عَليه وسَلم في شيء، قالت: فعصبت رأسي، وصفرت وجهي، وأَلقيت وسادة قبالة باب الدار، فجنحت عليها، قالت: فمر رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم فنظر إِلي، فقال: ما لك يا عائشة؟ قالت: قلت: يا رسول الله، اشتكيت وصدعت، قال: يقول: بل وارأساه، قالت: فما لبثت إِلا قليلا، حتى أُتيت به يحمل في كساء، قالت: فمرضته، ولم أُمرض مريضا قط، ولا رأَيت ميتا قط، قالت: فرفع رأسه، فأَخذته فأَسندته إِلى صدري، قالت: فدخل أُسامة بن زيد، وبيده سواك أَراك رطب، قالت: فلحظ إِليه، قالت: فظننت أَنه يريده، فأَخذته فنكثته بفي، فدفعته إِليه، قالت: فأَخذه فأَهواه إِلى فيه، قالت: فخفقت يده فسقط من يده، ثم أَقبل بوجهه إِلي، حتى إِذا كان فاه في ثغري، سال من فيه نقطة باردة اقشعر منها جلدي، وثار ريح المسك في وجهي، فمال رأسه، فظننت أَنه غشي عليه، قالت: فأَخذته فنومته على الفراش، وغطيت وجهه، قالت: فدخل أَبي أَبو بكر، فقال: كيف ترين؟ فقلت: غشي عليه، فدنا منه، فيكشف عن وجهه، فقال: يا غشياه، ما أَكون هذا الغشي، ثم كشف عن وجهه فعرف الموت، فقال: إِنا لله وإِنا إِليه راجعون، ثم بكى، فقلت: في سبيل الله انقطاع الوحي، ودخول جبريل بيتي، ثم وضع يديه على صدغيه، ووضع فاه على جبينه، فبكى حتى سال دموعه على وجه النبي صَلى الله عَليه وسَلم، ثم غطى وجهه، وخرج إِلى الناس وهو يبكي،

الصفحة 515