كتاب المسند المصنف المعلل (اسم الجزء: 36)

فقال: يا معشر المسلمين، هل عند أَحد منكم عهد بوفاة رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم؟ قالوا: لا، ثم أَقبل على عمر، فقال: يا عمر، أَعندك عهد بوفاة رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم؟ قال: لا، قال: والذي لا إِله غيره، لقد ذاق الموت، ولقد قال لهم: إِني ميت وإِنكم ميتون، فضج الناس وبكوا بكاء شديدا، ثم خلوا بينه وبين أَهل بيته،

⦗٥١٧⦘
فغسله علي بن أَبي طالب، وأُسامة بن زيد يصب عليه الماء، فقال علي: ما نسيت منه شيئًا لم أُغسله إِلا قلب لي، حتى أَرى أَحدا فأُغسله من غير أَن أَرى أَحدا، حتى فرغت منه، ثم كفنوه ببرد يماني أَحمر، وريطتين قد نيل منهما، ثم غسلا، ثم أُضجع على السرير، ثم أَذنوا للناس فدخلوا عليه فوجا فوجا، يصلون عليه بغير إِمام، حتى لم يبق أَحد بالمدينة حر ولا عبد إِلا صلى عليه، ثم تشاجروا في دفنه، أَين يدفن، فقال بعضهم: عند العود الذي كان يمسك بيده وتحت منبره، وقال بعضهم: في البقيع حيث كان يدفن موتاه، فقالوا: لا نفعل ذلك إِذا، لا يزال عبد أَحدكم ووليدته قد غضب عليه مولاه فيلوذ بقبره، فيكون سنة، فاستقام رأيهم على أَن يدفن في بيته تحت فراشه، حيث قبض روحه، فلما مات أَبو بكر دفن معه، فلما حضر عمر بن الخطاب الموت أَوصى، قال: إِذا ما مت فاحملوني إِلى باب بيت عائشة، فقولوا لها: هذا عمر بن الخطاب يقرئك السلام، ويقول: أَدخل، أَو أَخرج؟ قال: فسكتت ساعة، ثم قالت: أَدخلوه، فادفنوه معه، أَبو بكر عن يمينه، وعمر عن يساره، قالت: فلما دفن عمر أَخذت الجلباب فتجلببت، قال: فقيل لها: ما لك وللجلباب؟ قالت: كان هذا زوجي وهذا أَبي، فلما دفن عمر تجلببت» (¬١).
---------------
(¬١) اللفظ لأبي يَعلى (٤٩٦٢).

الصفحة 516