بابٌ في التفسِير
وفيه ست مسائل
الحديث على قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}.
1 - مسألة: قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1) هل هي ناسخة لقوله تعالى: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} (¬2)؟.
الجواب: قيل: إِنها ناسخة؛ ولكنَ هذا الجواب ضعيف، والصحيح: الذي جزم به المتقنون، وأطبق عليه المحققون، أنها ليست ناسخةً لها؛ بل هي مفسرة ومبينة للمراد بقوله: {حَقَّ تُقَاتِهِ}، وأنه ما استطاعه المكلف، وحقيقة التقوى امتثال أمره، واجتناب نهيه سبحانه وتعالى (¬3) وهو ما استطاعه المكلف؛ لأن غير المستطاع لا يكلف به قال الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (¬4)، وقال الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (¬5) وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إِذَا أمرْتُكُمْ بِأمْرٍ فَأتُوا مِنْه مَا اسْتَطَعْتُمْ".
¬__________
(¬1) سورة التغابن: الآية 16.
(¬2) قال ابن عباس رضي الله عنهما: هي أن يُطاعَ فلا يُعْصَى، ويُذْكَرَ فلا يُنْسَى، ويُشْكَرَ فلا يُكْفَرُ. اهـ. الآية 102 من سورة آل عمران.
(¬3) وعرفها الإمام علي كرم الله وجهه بقوله: "هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل".
(¬4) سورة البقرة: الآية 286.
(¬5) سورة الحج: الآية 78.