- وروي عن عمر أنه نادى: يا سارية1 الجبل. يقول ذلك لبعض أمراء المسلمين حين أحاط به العدو، وبينهما أكثر من شهر، فأسمع الله سارية صوتَه، فكانت سبب سلامة المسلمين2، وهذه كرامة لا توازيها كرامة.
- وروى سيف بن عمر الأسدي3 أن عمر اعترض الذين سيَّرهم إلى العزاة فرأى فيهم فتية فكرهم وتفرَّس فيهم الشّرّ، وتعجب الناس من كراهيته فيهم، ولم يرد أن يشهر أمرهم للناس، فكان فيهم من غزا عثمان وقتله وقتل عليّ بن أبي طالب وأثاروا الفتن على الناس بعد4.
__________
1 سارية بن زنيم بن عبد الله الدئلي الكناني، اختلف في صحبته، فقال ابن عساكر: له صحبة، وقال الذهبي: "إنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم"، وقال المرزباني: "كان سارية مخضرماً"، وقال العسكري: "روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يلقه"، وذكره ابن حبان في التابعين، وقد ولاّه عمر ناحية الفرس، وأمّره على جيش وسيّره إلى فارس سنة 23هـ، وذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة في القسم الأوّل، وقال: بأنهم كانوا لا يؤمرون على الجيش إلاّ الصحابة". (ر: التجريد 1/203، الإصابة 3/52، 53، الأعلام 3/69) .
2 أخرجه البيهقي في الدلائل 6/370، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة7/1230، وأبو نعيم في الدلائل ص 579، كلهم من طريق ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن ابن عجلان عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما.
وذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة 3/53، وعزاه أيضاً للزين عاقولي في زوائد ابن الأعرابي في كرامات الأولياء، وحرملة في جمعه لحديث ابن وهب، وقال الحافظ: إسناده حسن. وذكره ابن كثير أيضاً في تاريخه 7/131، ثم قال: إسناد جيد. ثم أورد للقصة طرقاً أخرى، وقال في آخرها: فهذه طرق يشد بعضها بعضاً. اهـ.
3 سيف بن عمر الأسدي التميمي الكوفي، من أصحاب السير، ضعيف في الحديث، عمدة في التاريخ، من كتبه: الجمل، والفتوح الكبير، والرّدّة، وينقل عنه الطبري كثيراً في تاريخه، توفي ببغداد سنة 200هـ. (ر: التقريب 1/344، التهذيب 4/295، الأعلام 3/150) .
4 ذكره الطبري في تاريخه 3/6، 7 في حوادث سنة 14هـ، ممن خرجوا إلى القادسية، وهؤلاء الفتية الذين كرههم عمر رضي الله عنه فتية دُلْم سباط مع معاوية بن خديج، فكان منهم رجل يقال له: (سودان بن حُمْران) قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، وإذا منهم حليف لهم يقال له: (عبد الرحمن بن ملجم) قتل عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.