كتاب المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا = تاريخ قضاة الأندلس

عِنْد عمر بن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله {فَوَثَبَ إِلَيْهِ رَجَاء بن حَيْوَة ليصلحه؛ فاقسم عَلَيْهِ عمر بن عبد الْعَزِيز؛ فَجَلَسَ. فَقَامَ هُوَ؛ فأصلحه. فَقَالَ رجل: أتقوم، يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ} قَالَ: قُمْت، وَأَنا عمر بن عبد الْعَزِيز {وَرجعت، وَأَنا عمر بن عبد الْعَزِيز} ثمَّ قَالَ لنا: واضطربت عِمَامَة هِشَام بن عبد الْملك. فَأَهوى الأبرش الْكَلْبِيّ إِلَى تعديلها. فَقَالَ لَهُ هِشَام: مَه {فَأَنا لَا نتَّخذ الإخوان خولاً} وَجرى بَين الْأَصْحَاب الْمَذْكُورين فِي تِلْكَ اللَّيْلَة من المحاورة بِطرف الْعلم، وَقطع الشّعْر، مَالا يرجع فِي الْحسن إِلَى حصر. وَمن ذَلِك أنْشدهُ ابْن رَاجِح، فِي أَبْيَات لِابْنِ مامة: أَلا رب من يَدعِي صديقا وَلَو ترى ... مقَالَته بِالْغَيْبِ ساءك مَا يفرى مقَالَته كالشهد مَا كَانَ شَاهدا ... وبالغيب مطرور على ثغرة النَّحْر يَسُرك باديه وَتَحْت أديمه ... نهيمه غش تفتري عقب الظّهْر وَذكر لنا عَن صَاحبه الْعَلامَة فِي زَمَانه بالمغرب، الرئيس أبي مُحَمَّد عبد الْمُهَيْمِن الْحَضْرَمِيّ السبتي، أَنه سَمعه ينشد بتونس، وَقد مر بِهِ قوم من أَعْيَان جند فاس، بعد إهماله لتخلفه عَن سُلْطَانه، أَيَّام تنشبه بالقيروان وحصاره: يَا أَيهَا النَّاس سِيرُوا إِن قصدكم ... أَن تصحبوا ذَات يَوْم لَا تسيرون حثوا الْمطِي وأرخوا من أزمتها ... قبل الْمَمَات وأقضوا مَا تقضون كُنَّا أُنَاسًا كَمَا كُنْتُم فغيرنا ... دهر فَأنْتم كَمَا كُنَّا تَكُونُونَ وَهَذِه الأبيات أول شعر قيل فِي الْعَرَب على مَا نَقله ابْن إِسْحَاق. وَذكر ابْن هِشَام أَنَّهَا وجدت مَكْتُوبَة فِي حجر بِالْيمن، وَقَالَهَا من قَالَهَا لحكمة صَرِيحَة، وموعظة صَحِيحَة. وأنشدنا القَاضِي الشريف فِي تِلْكَ اللَّيْلَة لنَفسِهِ، يصف أقداس سانية حشه: ومترعة يعل الرَّوْض مِنْهَا ... إِذا علت من المَاء الْفُرَات بدا دولا بهَا فلكاً وراحت ... بدائرة كواكب سائرات إِذا مَا الرَّوْض قابلهن كَانَت ... عَلَيْهِ بِكُل سعد طالعات ترَاهَا إِن شُعَاع الشَّمْس لَاقَى ... بَيَاض المَاء مشرقة الأيات أوعجب أَنَّهَا دارت بِنَوْء ... غزير وَهِي تغرب خاويات

الصفحة 174