كتاب المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا = تاريخ قضاة الأندلس

الحكايات؟ فَقَالَ: الحكايات جند من جنود الله، يُقَوي بهَا قُلُوب المريدين {قيل لَهُ: فَهَل فِي ذَلِك شَاهد؟ فَقَالَ: نعم} قَوْله عز وَجل: كلا نقص عَلَيْك من أنباء الرُّسُل مَا نثبت بِهِ فُؤَادك. وَمعنى تثبيت الْفُؤَاد فِي الْآيَة عِنْد الْمُفَسّرين لَهَا أَي نقوى نَفسك فِيمَا نَلْقَاهُ ونجعل لَك أُسْوَة بِمن تقدمك. وَتكلم أَبُو الْفضل الرَّازِيّ فِي كِتَابه على الْمَسْأَلَة؛ فَأتى بِنَحْوِ مَا ذَكرْنَاهُ؛ ثمَّ قَالَ: وَذَلِكَ أَن الْإِنْسَان إِذا ابتلى ببلية ومحنة، وَرَأى لَهُ مشاركاً، خف ذَلِك على قلبه، كَمَا يُقَال: الْمُصِيبَة، إِذا عَمت، خفت. وَفِي الْوَجِيز: قيل لمُحَمد بن سعيد مَاذَا الترديد للقصص فِي الْقُرْآن؟ فَقَالَ: ليَكُون لمن قَرَأَ مَا تيَسّر مِنْهُ حَظّ فِي الِاعْتِبَار. وَعَن إِبْرَاهِيم بن عبد الله أَنه قَالَ: سَمِعت حَمَّاد بن عبد الرَّحْمَن يَقُول: الْعلم دراية وَرِوَايَة، وَخبر وحكاية. وَلما رجوناه من الِانْتِفَاع بذلك كُله، أشفعنا القَوْل فِي هَذَا الْبَاب، وجلبنا من الأنباء مَا فِيهِ عِبْرَة لأولي الْأَلْبَاب جعلنَا الله من الَّذين يسمعُونَ القَوْل، فيتبعون أحْسنه؛ وَصرف عَنَّا فتن الْقَضَاء ومحنة، بمنه وفضله. وَالْحَمْد لله {لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه} وَهَذَا فِي كتاب الْقُضَاة إِلَى الْقَضَاء، وَصفَة من بلغ مِنْهُم رُتْبَة الِاجْتِهَاد، وَحكم الْقَاصِر عَن تِلْكَ الْمنزلَة فِي استنباط الْأَحْكَام، وَكَيْفِيَّة الِاسْتِخْلَاف، وفيمن يجوز لَهُ التَّقْلِيد، وَمن لَا يجوز لَهُ من النَّاس: وَالْكَلَام فِيمَا ذَكرْنَاهُ يرجع على الْقَرِيب إِلَى فُصُول، الأول مِنْهَا فِي كتب الْقُضَاة ونبذ من الْمسَائِل الْمُتَّصِلَة بذلك. وَالَّذِي جرى أَولا بِهِ بِالْعَمَلِ، إِذا أَتَى القَاضِي كتاب من قَاض آخر، يسْأَل الَّذِي جَاءَهُ بِالْكتاب إِحْضَار صَاحبه إِن كَانَ فِي عمالته؛ ثمَّ إِذا أحضرهُ، سَأَلَهُ الْبَيِّنَة على كتاب القَاضِي أَنه من قبله. قَالَ سَحْنُون بن سعيد: ولينظر القَاضِي الْمَكْتُوب إِلَيْهِ الْكتاب. فَإِن كَانَ القَاضِي الَّذِي كتبه قد ثَبت عِنْده أَنه من أهل الِاسْتِحْقَاق للْقَضَاء، لفهمه ومعرفته بِأَحْكَام من مضى وآثارهم، مَعَ فهمه فِي دينه، وورعه وانتباهه وفطنته، غير مخدوع فِي عقله، فَإِذا كَانَ كَذَلِك، نظر فِي كِتَابه وَعمل بِمَا يجب فِيهِ وَإِلَّا فَلَا. قَالَ صَاحب الْجَوَاهِر الثمينة، وَقد أَتَى فِيهَا من صِفَات القَاضِي الْعدْل بِنَحْوِ مَا تقدم: فَإِن عرفه بِأَنَّهُ لَيْسَ من أهل ذَلِك، لم يقبله. وَفِي سَماع يحيى: وَإِن لم يكن قَاضِي الكورة موثوقاً بِهِ، وَفِي الكورة رجال يوثق

الصفحة 178