كتاب المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا = تاريخ قضاة الأندلس

أحدا، لَا قَاضِيا بِعَيْنِه، وَلَا بَلَدا بِعَيْنِه. قَالَ: نعم {أرى ذَلِك يجوز، إِذا ثَبت عِنْد القَاضِي الَّذِي يرفع إِلَيْهِ الْكتاب أَنه كتاب القَاضِي الَّذِي كتبه وَبعث بِهِ مثل الرجل يُطَالب غَرِيمه لَا يدْرِي بِأَيّ الْآفَاق هُوَ، أَو أَيْن يلقاه، أَو العَبْد الْآبِق، وَمَا يُشبههُ. وَقَالَهُ ابْن الْقَاسِم وَأصبغ عَنهُ. قَالَ سَحْنُون: وَإِذا جَاءَ بِكِتَاب قَاض إِلَى قَاض، وَأَن فلَانا لَهُ من الدّين على فلَان كَذَا وَكَذَا، لم يجز ذَلِك، حَتَّى ينْسبهُ إِلَى أَبِيه، وَإِلَى فَخذه الَّذِي هُوَ مِنْهَا، أَو ينْسبهُ إِلَى تِجَارَة يعرف بهَا مَشْهُورَة. الْفَرْع الثَّانِي، إِذا كتب قَاض بِمَا ثَبت عِنْده، ثمَّ مَاتَ الْكَاتِب قبل أَن يصل الْكتاب إِلَى الْمَكْتُوب إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ ينفذهُ، ويبنى عَلَيْهِ إِذا بلغه، ويبنى عَلَيْهِ الحكم. قَالَ أَشهب الْمَجْمُوعَة: قَالَ مَالك: وَإِن عزل الْكَاتِب، فلينفذ بِهَذَا، إِن كَانَ مِمَّن تجوز كِتَابَته لعدالته. وَمثله عَن ابْن الْقَاسِم، وَسَوَاء مَاتَ أَحدهمَا، أَو عزلا، أَو أَحدهمَا، إِذا كَانَ الَّذِي كتبه هُوَ وَال. وَبِه أَقُول، وَلَا أعلم فِيهِ خلافًا بَين أهل الْعلم. وَمثله فِي كتاب ابْن حبيب، عَن ابْن الْمَاجشون، ومطرف، وَابْن عبد الحكم، وَأصبغ. قَالَ: وَجَمِيع أَصْحَابنَا. وَمن كتاب ابْن الْمَوَّاز: وَإِذا تظلم الْمَحْكُوم عَلَيْهِ من كتاب الأول، وَسَأَلَ الثَّانِي أَن يسْتَأْنف النّظر فِيهِ أَو فِي بعضه، فَلَيْسَ لَهُ ذَلِك إِلَّا بِأَمْر بَين؛ وَكَذَلِكَ لَو ولي قَاض آخر مَكَان القَاضِي، لَكَانَ مثل مَا قيل فِي الْمَكْتُوب إِلَيْهِ. قَالَ القَاضِي أَبُو الْوَلِيد بن رشد: لما كَانَ الأَصْل أَن القَاضِي ينفذ مَا ثَبت عِنْده من قَضَاء أَحْكَام الْبَلَد، وَأَن كَانُوا على كتاب إِلَى قَاضِي مصر، وَقد حج قَاضِي مصر، وَأمره بِالْخرُوجِ إِلَيْهَا، لم يكن لَهُ أَن يسمع من بَيِّنَة أحد فِي دَعْوَى على من بِمصْر، حَتَّى يصير إِلَيْهَا. قَالَ القَاضِي أَبُو الْأَصْبَغ، وَقد نقل مَا ذَكرْنَاهُ: وَنزلت من هَذَا الْمَعْنى مَسْأَلَة، سَأَلت عَنْهَا ابْن عتاب شَيخنَا: وَكَذَلِكَ القَاضِي يحل بِغَيْر بَلَده، وَقد كَانَ ثَبت عِنْده بِبَلَدِهِ حق لرجل؛ فَسَأَلَهُ الَّذِي لَهُ الْحق أَن يُخَاطب لَهُ من مَوضِع احتلاله قَاضِي مَوضِع مَطْلُوبه، بِمَا كَانَ ثَبت عِنْده بِبَلَدِهِ؟ فَقَالَ لي: لَا يحوز ذَلِك} قلت: فَإِن فعل؟ قَالَ: يبطل {ثمَّ قَالَ لي: وَلَيْسَ يبعد أَن ينفذ ذَلِك} قلت: فَإِن الْحق الثَّابِت عِنْده بِبَلَدِهِ على من هُوَ بِموضع احتلاله، فَأعْلم قَاضِي ذَلِك الْموضع مشافهة بِمَا ثَبت عِنْده، هَل يكون كمخاطبته أَيَّاهُ بذلك من بَلَده؟ فَقَالَ لي: لَيْسَ مثله! فَقلت لَهُ: وَمَا الْفرق؟ فَقَالَ لي: هُوَ فِي إخْبَاره هُنَا بِمَا ثَبت

الصفحة 185