كتاب المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا = تاريخ قضاة الأندلس

عِنْده طَالب فضول وَمَا الَّذِي يَدعُوهُ إِلَى ذَلِك. قلت: وَمَا يمْنَع من إخْبَاره لَهُ وَيشْهد عِنْد الْمخبر بذلك، وينفذه كَمَا يشْهد عِنْده بِمَا يجْرِي فِي مَجْلِسه من إِقْرَار وإنكار، وَيقْضى بِهِ؟ فَقَالَ: لَيْسَ مثله. ولاكن إِن أشهد هَذَا القَاضِي الْمخبر بذلك شَاهِدين فِي منزله، وشهدا بذلك عِنْد قَاضِي الْموضع، نفذ وَجَاز! . قَالَ ابْن سهل: رَأَيْت فُقَهَاء طليطلة يجيزون بِإِخْبَار القَاضِي المحتل بذلك الْبَلَد قَاضِي الْبَلدة وَينفذ، ويرونه كمخاطبته أَيَّاهُ. وَفِي ذَلِك كُله من الِاضْطِرَاب مَالا خَفَاء بِهِ. فجواب أصبغ، فِي إِجَازَته القَاضِي أَن يسمع من الْبَيِّنَة فِي غير عمله، يُخَالف مَا ذهب إِلَيْهِ ابْن عبد الحكم فِي الْمَسْأَلَة، وَقَررهُ صَاحب النَّوَادِر من أَن القَاضِي، إِذا كَانَ فِي غير عمله، فَلَيْسَ لَهُ أَن يسمع من بَيِّنَة أحد، وَلَا يشْهد على كِتَابه إِلَى قَاضِي بلد آخر إِلَّا بِبَلَدِهِ. وَأما مَسْأَلَة خطاب القَاضِي فِي غير عمالته، وإنهاؤه مَا ثَبت عِنْده إِلَى غَيره، فَالصَّحِيح فِيهِ أَنه شَيْء لَا يَقُول عَلَيْهِ، وَلَا يلْتَفت إِلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بوال فِي غير ولَايَته، وَالْقَاضِي الْمَكْتُوب إِلَيْهِ يصل حكمه بِحكم الْكَاتِب، ويثبته عَلَيْهِ. وَإِذ كَانَ كَذَلِك، فَإِنَّهُ لَا يلْتَفت إِلَى قَول القَاضِي الْكَاتِب إِلَّا فِي مَوضِع تنفذ فِيهِ أَحْكَامه. وَقَوله فِي غير ولَايَته: ثَبت عِنْدِي كَذَا كَقَوْلِه بعد عَزله: ثَبت عِنْدِي كَذَا. وَهُوَ وَالْعدْل سَوَاء. قَالَ عبد الله ابْن شاش: وَلَو شافه القَاضِي قَاضِيا آخر، لم يكف لِأَن أَحدهمَا فِي غير مَحل ولَايَته؛ فَلَا ينفع سَمَاعه أَو إسماعه، إِلَّا إِذا كَانَا قاضيين لبلدة وَاحِدَة، أَو التقيا من طرفِي ولَايَته. فَذَلِك أقوى من الشَّهَادَة. فيعتمد، وَلَو كَانَ المسمع فِي مَحل ولَايَته؛ فَلَا يحكم بهَا إِذْ لَا يحكم بِمُجَرَّد علمه. مَسْأَلَة أُخْرَى فِي قريب من ذَلِك الْمَعْنى وَهُوَ فِي القَاضِي يشْهد على قَضَائِهِ، وَهُوَ مَعْزُول أَو غير مَعْزُول: فَفِي كتاب الْقُضَاة الْمُخْتَصر من العتيبة: قَالَ أصبغ: قَالَ لي ابْن الْقَاسِم فِي القَاضِي يشْهد على قَضَاء قضى بِهِ، وَهُوَ مَعْزُول أَو غير مَعْزُول، وَيَرْفَعهُ إِلَى إِمَام غَيره، إِن شَهَادَته لَا تقبل، وَلَا يجوز ذَلِك الْقَضَاء إِلَّا بِشَاهِدين عَلَيْهِ غَيره أَنه قضى بِهِ. قَالَه أصبغ. قَالَ ابْن رشد فِي بَيَانه: هَذِه مَسْأَلَة وَقعت فِي بعض الرِّوَايَات؛ وَهِي مَسْأَلَة صَحِيحَة، وفيهَا معنى خَفِي. وَهِي أَن قَول القَاضِي، وَهُوَ على قَضَائِهِ: حكمت

الصفحة 186