كتاب المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا = تاريخ قضاة الأندلس

لفُلَان بِكَذَا لَا يصدق إِذا كَانَ قَوْله بِمَعْنى الشَّهَادَة، بِمثل أَن يتخاصم الرّجلَانِ عِنْد القَاضِي، فَيكون من حجَّته أَن يَقُول: قد حكم قَاضِي بلد كَذَا أَو كَذَا، وَقد ثَبت لي عِنْد قَاضِي بلد كَذَا أَو كَذَا {فيسأله الْبَيِّنَة على ذَلِك فَيذْهب إِلَيْهِ فيأتيه من عِنْده بكتابه إِنِّي قد حكمت لفُلَان على فلَان بِكَذَا وَكَذَا وَإِنِّي قد ثَبت عِنْدِي لفُلَان على فلَان كَذَا وَكَذَا} فَهَذَا لَا يجوز من أجل أَنه على هَذَا الْوَجْه شَاهد. وَلَو أَتَى الرجل ابْتِدَاء إِلَى القَاضِي قَالَ لَهُ: خَاطب لي قَاضِي بلد كَذَا بِمَا ثَبت لي عنْدك على فلَان بِمَا حكمت لي بِهِ عَلَيْهِ! فخاطبه بذلك، لجَاز من أجل أَنه مخبر وَلَيْسَ بِشَاهِد كَمَا يجوز وَقَوله: وَينفذ فِيمَا يسجل بِهِ على نَفسه، وَيشْهد من الْأَحْكَام مَا دَامَ على قَضَائِهِ. وَقد وَقع لِابْنِ الْمَاجشون، ومطرف، وَأصبغ فِي الْأَقْضِيَة من الْوَاضِحَة مَا يُعَارض رِوَايَة أصبغ هَذِه. وَمن الْكتاب الْمَذْكُور: وَسَأَلَهُ عَن القَاضِي يقر عِنْده الرجل؛ فَيكْتب إِقْرَاره؛ ثمَّ يُنكر الرجل أَن يكون أقرّ عِنْده بِشَيْء؛ هَل يقْضى عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ، أَو هَل يخْتَلف إِن قَالَ القَاضِي: أقرّ عِنْدِي من قبل أَن استقضى. قَالَ ابْن الْقَاسِم: رَأْيِي وَالَّذِي آخذ بِهِ فِي ذَلِك وَهُوَ الَّذِي سَمِعت أَنه لَا يقْضى عَلَيْهِ حَتَّى يشْهد على إِقْرَاره عِنْده شَاهِدَانِ عَدْلَانِ سوى القَاضِي، وَإِلَّا لم يقْض عَلَيْهِ بِشَيْء؛ وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَة مَا اطلع عَلَيْهِ فِيهِ من الْحُدُود يعلمهَا، فَهُوَ لَا يقيمها عَلَيْهِ، إِلَّا أَن يكون مَعَه شَاهِدَانِ عَدْلَانِ سواهُ. فَإِن لم يكن قد مَاتُوا، أَو عزلوا، كَمَا ينفذ مَا ثَبت عِنْده من قَضَاء الْحَاكِم بِبَلَدِهِ الْمَيِّت أَو الْمَعْزُول، وَجب أَن ينفذ كتبهمْ، وَإِن كَانُوا قد مَاتُوا أَو عزلوا، كَمَا ينفذ مَا ثَبت عِنْده أَنه مضى من عمل الحكم قبله الْمَيِّت أَو الْمَعْزُول، فيصل حكمه بِحكمِهِ أَو يبنيه عَلَيْهِ، وَلَا يَأْمر الْخَصْمَيْنِ باستئناف الْخِصَام عِنْده، إِن كَانَ الشُّهُود قد شهدُوا عِنْد الْمَيِّت أَو الْمَعْزُول، فَأشْهد على ذَلِك أَو كتب بِهِ إِلَى حَاكم بلد آخر، ثمَّ مَاتَ أَو عزل، وَلم يَأْمر بِإِعَادَة الشَّهَادَة عِنْده، وَإِن كَانُوا قد شهدُوا عِنْده، فقبلهم اعذاراً إِلَى الْمَشْهُود عَلَيْهِ فِيمَا شهدُوا بِهِ دون أَن ينظر فِي عدالتهم، وَإِن كَانَ قد أعذر فِي شَهَادَتهم إِلَى الْمَشْهُود عَلَيْهِ، فعجز عَن الدّفع فِيمَا امضى الحكم بهَا دون أَن يسْتَأْنف الْإِعْذَار إِلَيْهِ مرّة أُخْرَى وَإِذا مَاتَ الإِمَام الَّذِي تُؤَدّى إِلَيْهِ الطَّاعَة، وَقد قدم حكاماً وقضاة، وَولي الْأَمر غَيره، وَقضى الْحُكَّام الَّذين قدمهم الإِمَام الْمَيِّت وَالْقَاضِي يقْضى بَين موت الإِمَام الأول وَقيام الثَّانِي

الصفحة 187