كتاب المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا = تاريخ قضاة الأندلس

أَو بعد قِيَامه، وَقبل أَن ينفذ لَهُم الْولَايَة، فَمَا قضوا بِهِ فِي الفترة وحكموا بِهِ نَافِذ. وَمَا سجلوا بِهِ قَاض لَا يَحْتَاجُونَ فِيهِ إِلَى إِمْضَاء القَاضِي الَّذِي يَلِي بعده. وَمن الْمُدَوَّنَة: سُئِلَ عَن القَاضِي يقْضِي لرجل أَظُنهُ فَلَا يجوز المقضى لَهُ مَا قضى بِهِ لَهُ حَتَّى يَمُوت القَاضِي أَو يعْزل، هَل يسْتَأْنف الْخُصُومَة فِي ذَلِك الْأَمر، أم يَنْفَعهُ مَا كَانَ قضى لَهُ، ثمَّ أَقَامَ يمْضِي الْقَضَاء الَّذِي قضى بِهِ القَاضِي الأول، وَلَا ينظر فِيهِ القَاضِي الثَّانِي إِلَّا أَن يكون جوراً بَينا، فينقضه؟ قَالَ ابْن رشد: هَذَا كَمَا قَالَ من أَن حكم القَاضِي لَا يفْتَقر إِلَى حِيَازَة، وَهُوَ مِمَّا لَا اخْتِلَاف فِيهِ. وَإِذا عزل القَاضِي، ثمَّ ولي بَعْدَمَا عزل، قَالَ القَاضِي مُحَمَّد بن يبْقى بن زرب: فَهُوَ كالمحدث لَا يقبل شَهَادَة من شهد عِنْده قبل أَن يعْزل، فِيمَا لم يتم الحكم فِيهِ، حَتَّى يشْهدُوا بِهِ عِنْده. قَالَ ابْن لبَابَة: والتعليم على الشَّهَادَة فِي الوثائق من سنة الحكم، وَلَا يَكْتَفِي بِسَمَاعِهِ للشَّهَادَة دون التَّعْلِيم، لِأَنَّهُ يتَذَكَّر بِهِ مَا شهد عِنْده فِيهِ. وَكتاب الْحَاكِم جَائِز إِلَّا فِي الْحُدُود والأنكحة على خِلَافه. وَمن كتاب ابْن خلف، وَقد كتب عمر إِلَى عَامله فِي الْجَارُود، وَكتب عمر بن عبد الْعَزِيز فِي سنّ كسرت. وَقَالَ إِبْرَاهِيم: كتاب القَاضِي إِلَى القَاضِي جَائِز إِذا عرف الْكتاب والخاتم. وَكَانَ الشّعبِيّ يُجِيز الْكتاب الْمَخْتُوم بِمَا فِيهِ من الْقَضَاء، ويروى عَن ابْن عمر مثله. وَقد تقدم قَول مَالك فِي الْوَصِيَّة المختومة. وَقَالَ مُعَاوِيَة بن عبد الْكَرِيم الثَّقَفِيّ: شهِدت عبد الْملك بن يعلى قَاضِي الْبَصْرَة، وَإيَاس بن مُعَاوِيَة، وَالْحسن، وتمامة بن عبد الله بن أنس، وبلال بن أبي بردة، وَعبد الله بن بُرَيْدَة الْأَسْلَمِيّ، وعامر بن عَبدة، وَعباد بن مَنْصُور، ويجيزون كتب الْقُضَاة بِغَيْر محْضر من الشُّهُود؛ فَإِن قَالَ الَّذِي جِيءَ عَلَيْهِ بِالْكتاب إِنَّه زور، قيل لَهُ: اذْهَبْ {فالتمس الْمخْرج من غير ذَلِك} وَمن كتاب منهاج الْقُضَاة لِابْنِ حبيب: وَسَأَلت أصبغ بن الْفرج عَن القَاضِي يَبْعَثهُ الإِمَام إِلَى بعض الْأَمْصَار فِي شَيْء مَنَابه من أَمر الْعَامَّة، فيأتيه رجل فِي ذَلِك الْمصر يذكر أَن لَهُ حَقًا قبل رجل من أهل عمله، وَهُوَ عائب بِعَمَلِهِ، وَيذكر أَن شُهُوده بِهَذَا الْمصر، ويسأله أَن يسمع مِنْهُ؛ أيجيبه إِلَى ذَلِك؟ وَلَا ترى بِهِ بَأْسا؟ قَالَ: نعم! يسمع من ذِي بَيِّنَة، ويوقع شَهَادَتهم، ويسأله تعديلهم، وَإِن شَاءَ، سَأَلَ قَاضِي ذَلِك الْمصر عَنْهُم؛ فَإِن أخبرهُ عَنْهُم بعد التهم، اجتزى بذلك، لأَنهم من أهل عمله؛ وَلَو اجْتمع الخصمان عِنْده

الصفحة 188