كتاب المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا = تاريخ قضاة الأندلس

أَرْبَعَة أَيَّام، ثمَّ تلوم لَهُ أَرْبَعَة، تَتِمَّة ثَلَاثِينَ يَوْمًا فِي الْجَمِيع. ذكر ذَلِك ابْن الْعَطَّار وَمُحَمّد بن عبد الله. وَالْغَالِب لهَذَا الْعَهْد فِي كتب المقالات الْجَارِيَة بَين الْخُصُوم بقواعد الْبَلَد هُوَ أَن تكون فِي غير مجَالِس الْقُضَاة. وَفِي تِلْكَ الطَّرِيقَة توسعه على الْكَاتِب والمكتوب لَهُ أَو عَلَيْهِ. وَلَا إعذار عندنَا فِيمَا تقيد من ذَلِك بِشَهَادَة أهل التبريز فِي الْعَدَالَة، وَسَوَاء كَانَ بِمحضر القَاضِي أَو فَقِيه، لما تقدم من تَعْلِيله. مَسْأَلَة. وَإِذا سكت الْمَطْلُوب وأبى أَن يتَكَلَّم، أَو تكلم وَقَالَ: لَا أخاصمه إِلَيْك {قَالَ لَهُ القَاضِي: إِمَّا أَن تخاصم؛ وَإِلَّا، أحلفت هَذَا الْمُدعى على الَّذِي ادّعى قبلك، وحكمت لَهُ بِهِ عَلَيْك} فَإِن تكلم، نظر فِي كَلَامه وَفِي حجَّته؛ وَإِن لم يتَكَلَّم، أَحْلف الآخر وَقضى لَهُ بِحقِّهِ إِن كَانَ مِمَّا يسْتَحق مَعَ نُكُول الْمَطْلُوب عَن الْيَمين. قَالَه ابْن حبيب. وَقَالَ مُحَمَّد بن الْمَوَّاز فِي كِتَابه. إِن لم يرجع فَيقْرَأ أَو يُنكر، حكمت عَلَيْهِ للْمُدَّعى بِلَا يَمِين. وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد بن أبي زيد: قَالَ ابْن سَحْنُون عَن أَبِيه: إِن قَالَ الْخصم مَا أقرّ وَلَا أنكر، أَو قَالَ: مَا لَهُ عِنْدِي حق {وَالْآخر يدعى دَعْوَى مفسرة، وَيَقُول: أسلفته، أَو بِعته، أَو أودعته فَقَالَ: لَا، يقبل قَول الْمُدعى عَلَيْهِ: مَاله عِنْدِي شَيْء حَتَّى يقر بِالدَّعْوَى بِعَينهَا أَو ينكرها، فَيَقُول: مَا بَاعَنِي، وَلَا أَسْلفنِي، وَلَا أودعني} فَإِن تَمَادى على الرَّد، سجنه. وَقَالَ ابْن الْمَوَّاز فِيمَن ادّعى عَلَيْهِ سِتِّينَ دِينَارا، فَيقر بِخَمْسِينَ، ويأبى فِي الْعشْرَة أَن يقر أَو يُنكر، أَنه يجْبر بِالْحَبْسِ حَتَّى يقْرَأ أَو يُنكر ذَلِك، إِذا طلب ذَلِك الْمُدعى. هَكَذَا قَالَ مَالك. وَأَنا اسْتحْسنَ، إِذا تَمَادى على شكه، وَقَالَ لَا أَحْلف على مَا لَا يَقِين لي فِيهِ {إِنِّي أحلفه أَنه مَا وقف عَن الْإِقْرَار وَالْإِنْكَار إِلَّا أَنه على غير يَقِين} فَإِذا حلف على هَذَا أدّى الْعشْرَة أَو يحسن فِيهَا بالحكم؛ فَلَا يَمِين على الْمُدعى لِأَن كل مدعى عَلَيْهِ لَا يدْفع الدَّعْوَى؛ فَإِنَّهُ يحكم عَلَيْهِ بِلَا يَمِين. وَقَالَ أَشهب مثله. وَإِذا تشعبت المقالات المكتبية من المتشاجرين فِي الْخُصُومَات، وأشكل حَدِيثهَا، طرح جَمِيعهَا، وَلَا حرج فِي ذَلِك؛ فقد نقل عَن قَاضِي كَانَ فِي أَيَّام أبان بن عُثْمَان أَنه رفعت إِلَيْهِ كتب قد تقادم فِي أمرهَا والتبس الْبَيَان فِيهَا؛ فَأَخذهَا وأحرقها بالنَّار. فَقيل لمَالِك:

الصفحة 196