كتاب المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا = تاريخ قضاة الأندلس

أيحسن ذَلِك؟ قَالَ: نعم؟ إِنِّي لأراه حسنا. قَالَ ابْن رشد فِي بَيَانه معنى هَذِه الْكتب إِنَّهَا كتب فِي خصومات طَالَتْ المحاضر فِيهَا والدعاوى، وطالت الْخُصُومَات حَتَّى الْتبس أمرهَا على الْحُكَّام. فَإِذا أحرقت، قيل لَهُم: بينوا الْآن مَا تدعون، ودعوا مَا تلبسُونَ بِهِ من طول خصامكم! وَهُوَ حسن الحكم على مَا استحسنه مَالك. وَمن كتاب أبي الْقَاسِم بن الْجلاب: إِذا ذكر الْحَاكِم أَنه حكم فِي أَمر من الْأُمُور، وَأنكر الْمَحْكُوم عَلَيْهِ، لم يقبل قَول الْحَاكِم إِلَّا بِبَيِّنَة. قَالَ أَبُو الْحسن اللَّخْمِيّ: وَهُوَ أشبه فِي قُضَاة الْيَوْم لضعف عدالتهم. وَقَالَ أَيْضا: وَلَا أرى أَن يُبَاح هَذَا الْيَوْم لأحد من الْقُضَاة؛ وَلَا اخْتِلَاف فِي اعْتِمَاد القَاضِي على علمه فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل؛ فَأَما الْخط، فَلَا يعتمده إِذا لم يتَذَكَّر، لِإِمْكَان التزوير عَلَيْهِ. وَمن عقد الْجَوَاهِر: قَالَ القَاضِي أَبُو مُحَمَّد: وَإِذا وجد فِي ديوانه حكما بِخَطِّهِ، وَلم يذكر أَنه حكم بِهِ، لم يجز لَهُ أَن يحكم بِهِ إِلَّا أَن يشْهد بِهِ عِنْده شَاهِدَانِ. وَإِذا نسي القَاضِي حكما حكم بِهِ، فَشهد عِنْده شَاهِدَانِ أَنه قضى، نفذ الحكم بِشَهَادَتِهِمَا، وَإِن لم يتَذَكَّر، كَمَا ذكر القَاضِي أَبُو مُحَمَّد. وَحكى الشَّيْخ أَبُو عمر رِوَايَته أَنه لَا يلْتَفت إِلَى الْبَيِّنَة بذلك، وَلَا يحكم بهَا وَلَو شهد الشَّاهِدَانِ على قَضَائِهِ عِنْد غَيره لحكم بِشَهَادَتِهِمَا وَنفذ قَضَاؤُهُ. قَالَ ابْن حبيب: وَأَخْبرنِي أصبغ عَن ابْن وهب، عَن مَالك، فِي القَاضِي يقْضى بِقَضَاء، ثمَّ يُنكره، فشهر بِهِ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ: فلينفذ ذَلِك، وَإِن أنكرهُ الَّذِي قضى بِهِ معزولاً كَانَ أَو غير مَعْزُول عَن الْقَضَاء. وَمن كتاب الْمقنع لأبي أَيُّوب: قَالَ أصبغ عَن أَشهب، عَن مَالك، فِي القَاضِي يكْتب شَهَادَة الْقَوْم فِي الْكتاب أَو الْأَمر يُريدهُ من أَمر الْخَصْمَيْنِ، ثمَّ يخْتم الْكتاب ويدفعه إِلَى صَاحبه، ثمَّ يُؤْتى بذلك الْكتاب، فيعرفه بِخَاتمِهِ، أيجيز مَا فِيهِ لغير بَيِّنَة أَنه خَاتمه. والخواتم رُبمَا عمل عَلَيْهَا: قَالَ مَالك: هُوَ أعلم وَأحب أَن يكون الْكتاب عِنْده. وَقد كَانَ بعض الْقُضَاة لَا يَلِي كِتَابه إِلَّا هُوَ بِنَفسِهِ. قَالَ أصبغ: وَأرى أَن يُجِيز مَا فِي الْكتاب إِذا عرفه وَعرف خَاتمه. ولختم هَذَا الْفَصْل بنبذة من الْكَلَام فِي الشَّهَادَة على الْخط وَمَا يجوز من ذَلِك وَمَا يضيق فِيهِ. فَنَقُول: الشَّهَادَة على الْخط ترجع إِلَى أَرْبَعَة أَقسَام: أَحدهمَا: الشَّهَادَة على خطّ

الصفحة 197