كتاب المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا = تاريخ قضاة الأندلس

القَاضِي فِي خطاب أَو حكم؛ الثَّانِي: الشَّهَادَة على خطّ الْمقر على نَفسه بِحَق من مَال، أَو طَلَاق أَو عتاق، أَو وَصِيَّة، وَشبههَا؛ الثَّالِث: شَهَادَة الشَّاهِد على خطّ يَده فِي شَهَادَته وَهُوَ لَا يذكرهَا؛ الرَّابِع: الشَّهَادَة على خطوط الشُّهُود فِي الرسوم، وَهِي الَّتِي يكثر دورانها والاحتياج إِلَيْهَا. أما الشَّهَادَة على خطّ القَاضِي، فقد تقدم عَلَيْهَا من الْكَلَام مَا فِيهِ الْكِفَايَة إِن شَاءَ الله. وَأما الشَّهَادَة على خطّ الْمقر على نَفسه، فَقَالَ ابْن الْمَوَّاز: لم يخْتَلف فِيهَا قَول مَالك يُرِيد فِي إعمالها على الْمقر؛ وَفِي المستخرجة عَن ابْن الْقَاسِم فِي الْمَرْأَة يكْتب إِلَيْهَا زَوجهَا بِطَلَاقِهَا مَعَ من لَا شَهَادَة لَهُ؛ فَوجدت الْمَرْأَة من يشْهد أَن هَذَا خطّ زَوجهَا أَنَّهَا، إِن وجدت من يشْهد على ذَلِك، نَفعهَا؛ وَفِي سَماع يحيى عَن ابْن الْقَاسِم: وَإِن ذَلِك؛ وَإِن شهد رجل على كتاب ذكر الْحق أَنه كتاب الَّذِي عَلَيْهِ الْحق بِيَدِهِ، حلف صَاحب الْحق مَعَ ذَلِك؛ وَإِن شهد عَلَيْهِ اثْنَان جَازَ، وَسَقَطت الْيَمين عَنهُ. وَكَذَلِكَ قَالَ مَالك. وَفِي الْمجَالِس: إِن كتب الْوَثِيقَة بِخَط يَده وشهادته، نفذت، لِأَنَّهُ قَلِيل مَا يضْرب على جَمِيع ذَلِك؛ وَإِن لم تكن شَهَادَته فِيهَا، لم تنفذ لِأَنَّهُ كتب. ثمَّ لم يتم الْأَمر. وَإِن قَالَ لفُلَان: عِنْدِي أَو قبلي بِخَط يَده، قضى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ خرج مخرج الْإِقْرَار بالحقوق. وَإِن كتب لفُلَان على فلَان إِلَى آخر الْوَثِيقَة وشهادته فِيهَا، لم يجز إِلَّا بِبَيِّنَة سواهُ، لِأَنَّهُ أخرجهَا مخرج الوثائق، وَجَرت مجْرى الْحُقُوق. وَلم تجز الشَّهَادَة فِيهَا على خطه. قَالَ أَبُو عمر بن هَارُون، وَقد ذكر هَذَا التَّفْصِيل: هُوَ تَفْسِير جيد وفيهَا اخْتِلَاف. قَالَ المحتج والخط عِنْده شخص قَائِم وَمِثَال ماثل، تقع الْعين عَلَيْهِ وتميز سَائِر الْأَشْخَاص والصور. فالشهادة على الْخط جَائِزَة وَكَذَلِكَ حكى ابْن سَحْنُون فِي كِتَابه عَن مَالك وَغَيره من أَصْحَابه أَن الْخط شخص تميزه الْعُقُول فَكَمَا يجوز فِي الْأَشْخَاص مَعَ جَوَاز الِاشْتِبَاه فِيهَا فَكَذَلِك يجوز فِي الْخط من كتاب الِاسْتِغْنَاء المُصَنّف فِي أدب الْقُضَاة والحكام لخلف بن مسلمة بن عبد الغفور؛ وَمِنْه قَالَ الْأَبْهَرِيّ: كَمَا تجوز الشَّهَادَة على الصُّور وَإِن كَانَت يشبه بَعْضهَا بَعْضًا، إِذْ الِاخْتِلَاف فِيهَا لَيْسَ بغالب. وَفِي بَاب الشَّهَادَة على الْخط من الْكتاب الْمقنع عَن مَالك أَنَّهَا جَائِزَة مثل أَن يشْهد على خطّ الرجل فِي شَيْء أقرّ بِهِ وَقَالَ إِنَّه كَالْإِقْرَارِ صراحاً. وَعَن أبي الْقَاسِم فِيهِ: وَمَعْرِفَة الشُّهُود لَهُ كمعرفة الشُّهُود للثياب وَالدَّوَاب وَسَائِر ذَلِك. وَمن نوع الشَّهَادَة الْخط الشَّهَادَة أَيْضا فِي الصَّوْت؛ وَلذَلِك جَازَت شَهَادَة الْأَعْمَى على معرفَة الصَّوْت.

الصفحة 198