كتاب المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا = تاريخ قضاة الأندلس

ورد صَاحب الْجَوَاهِر الشَّهَادَة على الْخط إِلَى ثَلَاثَة أوجه؛ فَقَالَ: الأول: الشَّهَادَة على خطّ الْمقر، وَهُوَ أقواها فِي جَوَاز الشَّهَادَة؛ ويليه الْوَجْه الثَّانِي، وَهُوَ الشَّهَادَة على خطّ الشَّاهِد الْمَيِّت أَو الْغَائِب؛ ويليه الْوَجْه الثَّالِث، وَهُوَ شَهَادَة الشَّاهِد على خطّ نَفسه، وَهُوَ أضعفها فِي إجَازَة الشَّهَادَة. مَسْأَلَة. قيل للْقَاضِي مُحَمَّد بن يبْقى بن زرب: مَا تَقول فِي رجل كتب وَصيته وَأشْهد عَلَيْهَا، ثمَّ كتب فِي أَسْفَلهَا بِخَط يَده: هَذِه الْوَصِيَّة قد أبطلتها إِلَّا كَذَا وَكَذَا مِنْهَا. فَيخرج عني {وَشهِدت بَيِّنَة أَنه خطه. فَقيل: لَا ترد بِهَذَا وَصيته الَّتِي أشهد عَلَيْهَا وَهُوَ كمن كتبت وَصيته بِخَط يَده، وَلم يشْهد عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَ وَشهد على خطه فِيهَا، فَلَا تنفذ. وَمن نَوَازِل القَاضِي أبي الْأَصْبَغ بن سهل: وَقع الْكتاب الثَّانِي من أَحْكَام مُحَمَّد ابْن عبد الله بن عبد الحكم: وَإِذا كَانَ لرجل على رجل آخر حق، فَكتب لَهُ إِلَى رجل لَهُ عِنْده مَال من دين أَو وَدِيعَة، أَن يدْفع إِلَيْهِ مَاله؛ فَدفع الْكتاب إِلَى الَّذِي عِنْده المَال؛ فَقَالَ: أما الْكتاب، فَإِذا عرفه وَهُوَ خطه، وَلَا كنَّى لَا أدفَع إِلَيْك شَيْئا} فَذَلِك لَهُ، وَلَا يحكم عَلَيْهِ القَاضِي بِدَفْعِهِ، وَلَا يُبرئهُ دَفعه إِن جَاءَ صَاحب الْحق فَأنْكر الْكتاب. وَكَذَلِكَ لَو قَالَ: قد أَمرنِي أَن أدفَع إِلَيْك، وَلَا كن لَا أفعل! فَذَلِك لَهُ، لِأَنَّهُ لَا يُبرئهُ ذَلِك، إِن أنكر الَّذِي لَهُ المَال أَو مَاتَ. وَمن نَوَازِل القَاضِي أبي عبد الله بن أَحْمد بن الْحَاج: إِذا قَالَ رجل أَو وجد بِخَطِّهِ بعد وَفَاته لفُلَان قبلي كَذَا وَثَبت إِقْرَاره أَو خطه، فلفظه قبلي مُحْتَملَة أَن يكون أوجب لَهُ قبله هبة مائَة دِينَار أَو صَدَقَة بهَا، فموته أَو فلسه قبل قبضهَا يُبْطِلهَا. وَمن عقد الْجَوَاهِر: وَلَو كتب وَصِيَّة بِخَطِّهِ، فَوجدت فِي تركته، وَعرف أَنَّهَا خطه بِشَهَادَة عَدْلَيْنِ، فَلَا يثبت شَيْء مِنْهَا حَتَّى يشْهد عَلَيْهَا. وَقد يكْتب وَلَا يقدم. رَوَاهُ ابْن الْقَاسِم فِي الْمَجْمُوعَة والعتيبة. قَالَ مُحَمَّد عَن أَشهب: وَلَو أقرها، وَلم يَأْمُركُمْ بِالشَّهَادَةِ فَلَيْسَ بِشَيْء حَتَّى يَقُول: إِنَّهَا وصيتي، وَإِن مَا فِيهَا حق. وَيقرب من هَذَا الْبَاب مَسْأَلَة من وجد بِخَطِّهِ هجو أحد من النَّاس أَو قذفه، وَثَبت بِالْبَيِّنَةِ العادلة أَنَّهَا خطه، وَأنكر هُوَ ذَلِك، وأعذر إِلَيْهِ؛ فَلم يكن عِنْده مدفع. وَقع فِيهَا

الصفحة 199