وقال مالك: " رأيت أيوب السختياني بمكة حَجتيْن، فما كتبت عنه، ورأيته في الثالثة قاعدًا في فناء زمزم، فكان إذا ذكرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - عنده يبكي حتى أرحمه، فلما رأيت ذلك كتبت عنه " (¬1)
* وكان أصحاب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يرحلون إليه فينظرون إلى سمته، وهديه، ودَلِّه، قال: " فيتشبهون به " (¬2).
* وجاء في ترجمة علي بن المديني عن عباس العنبري: " كان الناس يكتبون قيامه، وقعوده، ولباسه، وكل شيء يقول ويفعل " (¬3).
* وروى الإمام مالك عن التابعي الجليل محمد بن سيرين قوله واصفًا حال كبار التابعين (¬4): " كانوا يتعلمون الهدي كما يتعلمون العلم "، قال مالك: " وبعث ابن سيرين رجلاً ينظر كيف هَدْيُ القاسم بن محمد (¬5) وحاله " (¬6)، وقال ابن وهب رحمه الله: (حدثني مالك أن ابن سيرين كان قد ثقل، وتخلَّف عن الحج، فكان يأمر من يحج أن ينظر إلى هدي القاسم، ولبوسه، وناحيته (¬7)، فيبلغونه ذلك، فيقتدي بالقاسم) (¬8).
وكان أبو بكر بن إسحاق إذا ذكر عقل أبي علي الثقفي يقول: " ذاك عقل مأخوذ عن الصحابة والتابعين "، وذلك: أن أبا علي أقام بسَمَرْقنْد مدة أربع سنين يأخذ تلك الشمائل من محمد بن نصر المروزي، وأخذها ابن نصر عن
¬__________
(¬1) " إسعاف المبطإ برجال الموطإ " ص (3) ط، الحلبي 1370 هـ.
(¬2) " غريب الحديث " للقاسم بن سلام (3/ 383 - 384).
(¬3) " تاريخ بغداد " (11/ 462).
(¬4) لأن ابن سيرين توفي سنة 110 هـ.
(¬5) هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق أحد الفقهاء السبعة، كان من أكابر التابعين والفضلاء والعلماء.
(¬6) " الجامع " للخطيب (1/ 79).
(¬7) ناحية الرجل: جهته، وطرفه، يريد: كل ما يصدر من طرف القاسم.
(¬8) " سير أعلام النبلاء " (5/ 57).