كتاب الإعلام بحرمة أهل العلم والإسلام

أو أعنتَ على دمه؟ "، فقال أبو معبد: " إني لأرى ذكر مساوئ الرجل عونًا على دمه " (¬1) (¬2).
ولقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إِن العبد ليتكلمُ بالكلمة من سخط الله لا يُلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم " (¬3).
فهؤلاء الساعون بالوشاية والنميمة، أحْصَوْا اجتهادات أمير المؤمنين عثمان ابن عفان رضي الله عنه، وصوروها بحسب ما تتخيل عقولهم الضعيفة، وقلوبهم المريضة، فاتخذوا ذلك سُلَّمًا إلى الفتنة (¬4).
حين علم حذيفة رضي الله عنه بمقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: " اللهم العن قَتَلَتَهُ وشُتَّامَه، اللهم إنا كنا نعاتبه ويعاتبنا، فاتخذوا ذلك سُلَّمًا إلى الفتنة، اللهم لا تُمِتْهم إلا بالسيوف " (¬5).
قال عبد الواحد بن زيد للحسن البصري -وكلاهما من التابعين-: " يا أبا سعيد أخبرني عن رجل لم يشهد فتنة ابن المهلب بن أبي صفرة (¬6) إلا أنه عاون بلسانه ورضي بقلبه "، فقال الحسن: " يا ابن أخي كم يد عقرت الناقة؟ "، قلت: " يد واحدة "، قال: " أليس قد هلك القوم جميعًا برضاهم وتماليهم؟ " (¬7).
¬__________
(¬1) أو عونًا على سجنه وتشريده، وشلله عن دعوته.
(¬2) " الطبقات " لابن سعد (3/ 85).
(¬3) رواه -من حديث أبي هريرة رضي الله عنه- البخاري رقم (6478)، ومسلم رقم (2988).
(¬4) وقد جمعها الإمام ابن العربي، وفنَّدها في كتابه المبارك " العواصم من القواصم " فانظره ص (76 - 150) ط، دار الكتب السلفية 1405 هـ.
(¬5) " الكامل " لابن الأثير (3/ 51).
(¬6) وكان قد انشق عن الدولة الإسلامية معتمدًا على وجاهة أبيه، وكان أبوه رحمه الله مبيدًا للخوارج.
(¬7) " الزهد " للإمام أحمد ص (289).

الصفحة 328