كتاب الإعلام بحرمة أهل العلم والإسلام

وكما أنكر طائفة من السلف على بعض القراء بحروف لم يعرفوها، حتى جمعهم عثمان على المصحف الإمام ..
وكالذي قال لأهله: " إذا أنا مت فأحرقوني، ثم ذروني في اليم، فوالله لئن قدر الله عليَّ ليعذبني عذابًا لا يعذبه أحدًا من العالمين " (¬1).
وكما قد ذكره طائفة من السلف في قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ} [البلد: 5]، وفي قول الحواريين: {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} [المائدة: 112]، وكالصحابة الذين سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم -: " هل نرى ربنا يوم القيامة؟ "، فلم يكونوا يعلمون أنهم يرونه، وكثير من الناس لا يعلم ذلك، إما لأنه لم تبلغه الأحاديث، وإما لأنه ظن أنه كذب وغلط) (¬2) اهـ. بتصرف واختصار.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله أيضًا: (وقوع الغلط في مثل هذا -يعني: علو الله على خلقه- يوجب ما نقوله دائمًا: إن المجتهد في مثل هذا من المؤمنين إن استفرغ وسعه في طلب الحق، فإنَّ الله يغفر له خطأه، وإن حصل منه نوع تقصير، فهو ذنب لا يجب أن يبلغ الكفر، وإن كان يطلق القول بأن هذا الكلام كفر، كما أطلق السلف الكفر على من قال ببعض مقالات الجهمية، مثل القول بخلق القرآن، أو إنكار الرؤية، أو نحو ذلك مما هو دون إنكار علو الله على الخلق، وأنه فوق العرش، وإن تكفير صاحب هذه المقالة كان عندهم من أظهر الأمور، فإن التكفير المطلق، مثل الوعيد المطلق، لا يستلزم تكفير الشخص المعين حتى تقوم عليه الحجة التي يُكَفَّر تاركها.
¬__________
(¬1) رواه البخاري (6/ 514)، (11/ 312)، (13/ 464)، ومسلم رقم (2757).
(¬2) " مجموع الفتاوى " (20/ 33 - 36)، وانظره (19/ 206 - 207)، (19/ 123).

الصفحة 379