كتاب الإعلام بحرمة أهل العلم والإسلام

ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات، ولا يُبالي ما يقول!!) (¬1) اهـ.
وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى معلقًا على قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ رضي الله عنه: " ألا أخبرك بملاك ذلك كله "؟ قلت: بلى، فأخذ بلسانه، فقال: " تكف عليك هذا " الحديث:
(هذا يدل على أن كف اللسان وضبطه وحبسه هو أصل الخير كله؛ وأن من ملك لسانه فقد ملك أمره، وأحكمه وضبطه) (¬2) اهـ.
وعن مبارك بن فضالة، عن يونس بن عبيد قال: " لا تجد من البر شيئًا واحدًا يتبعه البر كله غيرَ اللسان، فإنك تجد الرجل يكثر الصيام، ويفطر على الحرام، ويقوم اليل، ويشهد بالزور بالنهار -وذكر أشياء نحو هذا- ولكن لا تجده لا يتكلم إلا بحق، فيخالف ذلك عمله أبدًا " (¬3).
فاستقامة اللسان من أعظم أركان الاستقامة؛ لأنها إذا يُسِّرت للإنسان فتحت له أبواب البر، وأغلقت دونَه أبواب الفجور، ولذلك لما أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه، وقال له: " قل آمنت بالله، ثم استقم "، سأله سفيان: " ما أخوف ما تخاف علي؟ "، فأخذ بلسان نفسه (¬4)، وفي هذا إشارة واضحة إلى أن زلل اللسان من أعظم القوادح في الاستقامة، قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " اللسان قِوام البدن، فإذا استقام اللسان استقامت الجوارح، وإذا اضطرب اللسان، لم يقم له جارحة " (¬5)، وعن يونس بن عبيد قال: " ما رأيت أحدًا لسانه منه على بالٍ، إلا
¬__________
(¬1) " الداء والدواء " ص (187 - 188)، فرى الجلد: مزَّقه.
(¬2) " جامع العلوم والحكم " (2/ 146).
(¬3) " سير أعلام النبلاء " (6/ 291 - 292).
(¬4) تقدم ص (57).
(¬5) " الصمت " رقم (58) ص (69).

الصفحة 88