وقال أيضا: " أما مكارم أخلاقه ومراعاة شعور جلسائه؛ فهذا فوق حد الاستطاعة، فمذ صحبته لم أسمع منه مقالاً لأي إنسان -ولو مخطئًا عليه- يكون فيه جرح لشعوره، وما كان يعاتب إنساناً في شيء يمكن تداركه، وكان كثير التغاضي عن كثير من الأمور في حق نفسه، وحينما كنت أسائله في ذلك يقول:
ليس الغبيُّ بسيدٍ في قومه ... لكنَّ سَيِّدَ قومِهِ المتغابي) (¬1)
وقال رحمه الله مدافعًا عن نفسه حين رماه رجل ظلمًا بأنه كتب شعرًا يهجوه فيه: (فغضبت من تَزويره عَلَيَّ، لأني -ولله الحمد والمنة- لست ممن يهجو، وما كافأت أحدًا بسوء، وما أخذت أخًا بزلة، تحدثًا بنعمة الله تعالى)، ومما كتب في تلك المناسبة:
وتمنعني من ذاك نفس عزيزة ... غلا سعرها في السوق يومَ كسَادِه تهاب الخنا والنقصَ في كل موطن ... وقلبٌ يُقَوِّيها بشِدةِ آدِهِ (¬2)
وإني لأكسو الخِلَّ حُلَّةَ سُنْدُسٍ ... إذا ما كساني من ثياب حِدَادِه
وكائِن يَغِيظُ المرَءَ ظنُّ حبيبِهِ ... به السوءَ بعضُ الظنِّ إثمٌ فعادِهِ (¬3)
* * *
¬__________
(¬1) " السابق " ص (205 - 206)
(¬2) آدَ يَئيد أيْدًا: اشْتَدَّ وقَوِيَ.
(¬3) (ترجمة الشيخ " محمد الأمين الشنقيطي ") ص (206 - 207).