كتاب الدرة البهية شرح القصيدة التائية في حل المشكلة القدرية

فكيف يؤمرون وهم مجبورون غير قادرين؟!
فالقول بالجبر فيه فساد الدين والدنيا.
والذي حملهم على هذا القول مع ظهور فساده ظنهم: وأنه لا يمكنهم إثبات عموم مشيئة الله وقدره، حتى يسلبوا العبد قدرته.
وقد غلطوا بهذا الظن، فإنه كما تقدم يتمكن العبد من إثبات عموم القدر، ومن إثبات أن الأعمال هي أعمال العباد حقيقة، لأن الله خلقهم وخلق كل ما فيهم من القوى الظاهرة والباطنة.
وبقدرتهم وإرادتهم اللتين خلقهما الله ومكن العبد بها من كل ما يريده من خير وشر فعلوا الأمرين باختيارهم من غير إجبار.
وقد تصل الحال بهذه الطائفة وتغلوا في القدر حتى يعتقدوا أن معاصيهم طاعات، لأنها بمشيئة الله، فيشاركون:
3- حقيقة مذهب القدرية المشركة وبيان أن الطائفة الثانية قد تشاركهم فيه
الطائفة الثالثة، وهم القدرية المشركون
الذين اعتذروا عن شركهم وتحريمهم ما أباح الله بالمشيئة.
وجعلوا مشيئة الله هي محبته، فقالوا: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} .
وفي الآية الأخرى: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ

الصفحة 26