كتاب تحقيق الآيات البينات في عدم سماع الأموات

رد الله إليهم إدراكا سمعوا به مقاله ولولا إخبار رسول الله A بسماعهم لحملنا نداءه إياهم على معنى التوبيخ لمن بي من الكفرة وعلى معنى شفاء صدور المؤمنين "
قلت: ولذلك أورده الخطيب التبريزي في " باب المعجزات " من " المشكاة " (ج 3 رقم 5938 - بتخريجي)
والآمر الآخر: أن النبي A أقر عمر وغيره من الصحابة على ما كان مستقرا في نفوسهم واعتقادهم أن الموتى لا يسمعون بعضهم أومأ إلى ذلك إيماء وبعضهم ذكر صراحة لكن الأمر بحاجة إلى توضيح فأقول:
أما الإيماء فهو في مبادرة الصحابة لما سمعوا نداءه A لموتى القليب بقولهم: " ما تكلم أجسادا لا أرواح فيها؟ " فإن في رواية أخرى عن أنس نحوه بلفظ " قالوا " بدل: (قال عمر " كما سيأتي في الكتاب (ص 71 - 73) فلولا أنهم كانوا على علم بذلك سابق تلقوه منه A ما كان لهم أن يبادروه بذلك. وهب أنهم تسرعوا وأنكروا بغير علم سابق فواجب التبليغ حينئذ يوجب على النبي A أن يبين لهم أن اعتقادهم هذا خطأ وأنه لا أصل له في الشرع ولم نر في شيء من روايات الحديث مثل هذا البيان وغاية ما قال لهم: " ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ". وهذا - كما ترى - ليس فيه تأسيس قاعدة عامة بالنسبة للموتى جميعا تخالف اعتقادهم السابق وإنما هو إخبار عن أهل القليب خاصة على أنه ليس ذلك على إطلاقه بالنسبة إليهم أيضا إذا تذكرت رواية ابن عمر التي فيها " إنهم الآن يسمعون " كما تقدم شرحه فسماعهم إذن خاص بذلك الوقت وبما قال لهم النبي A فقط فهي واقعة عين لا عموم لها فلا تدل على أنهم يسمعون دائما وأبدا وكل ما يقال لهم كما لا تشمل غيرهم من الموتى مطلقا وهذا واضح إن شاء الله تعالى. ويزيده ووضوحا ما يأتي
[30]
وأما الصراحة فهي فيما رواه أحمد (3 / 287) من حديث أنس Bهـ قال: ". . . . فسمع عمر صوته فقال: يا رسول الله أتناديهم بعد ثلاث؟ وهل يسمعون؟ يقول الله D: {إنك لا تسمع الموتى} فقال: والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع [لما أقول] منهم ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوا ". وسنده صحيح على شرط مسلم (1) . فقد صرح عمر Bهـ أن الآية المذكورة هي العمدة في تلك المبادرة وأنهم فهموا من عمومها دخول أهل القليب فيه ولذلك أشكل عليهم الأمر فصارحوا النبي A بذلك ليزيل إشكالهم؟ وكان ذلك ببيانه المتقدم
ومنه يتضح أن النبي A أقر الصحابة - وفي مقدمتهم عمر - على فهمهم للآية على ذلك الوجه العام الشامل لموتى القليب وغيرهم لأنه لم ينكره عليهم ولا قال لهم: أخطأتم فالآية لا تنفي مطلقا سماع الموتى بل إنه أقرهم على ذلك الوجه العام الشامل لموتى القليب وغيرهم لأنه لم ينكره عليهم ولا قال لهم: أخطأتم فالآية لا تنفي مطلقا سماع الموتى بل إنه أقرهم على ذلك ولكن بين لهم ما كان خافيا من شأن القليب وأنهم سمعوا كلامه حقا وأن ذلك أمر مستثنى من الآية معجزة له A كما سبق
هذا وإن مما يحسن التنبيه عليه وإرشاد الأريب إليه أن استدلال عائشة المتقدم بالآية يشبه تماما استدلال عمر بها فلا وجه لتخطئتها اليوم بعد تبين إقرار النبي A لعمر عليه اللهم إلا في ردها على ابن عمر في روايته لقصة القليب بلفظ السماع وتوهيمها إياه فقد تبين من اتفاق جماعة من الصحابة على روايتها كروايته هو أنها هي الواهمة وإن كان من

الصفحة 30