كتاب تحقيق الآيات البينات في عدم سماع الأموات

رواه مسلم وغيره وهو مخرج في " الصحيحة " (2160) و " تخريج السنة " (860 - طبع المكتب الإسلامي)
أقول: ففي استدلال السيدة حفصة Bها بآية الورود دليل على أنها فهمت (الورود) بمعنى الدخول وأنه عام لجميع الناس الصالح والطالح منهم ولذلك أشكل عليها نفي النبي A دخول النار في حق أصحاب الشجرة فأزال A إشكالها بأن ذكرها بتمام الآية: {ثم ننجي الذين اتقوا} ففيه أنه A أقرها على فهمها المذكور وأنه على ذلك أجابها بما خلاصته أن الدخول المنفي في الحديث هو غير الدخول المثبت في الآية وأن الأول خاص بالصالحين ومنهم أهل الشجرة والمراد به نفي العذاب أي أنهم يدخلونها مرورا إلى الجنة دون أن تمسهم بعذاب. والدخول الآخر عام لجميع الناس ثم هم فريقان: منهم من تمسه بعذاب ومنهم على خلاف ذلك وهذا ما وضحته الآية نفسها في تمامها وراجع لهذا " مبارق الأزهار " (1 / 250) و " مرقاة المفاتيح " (5 / 621 - 632)
قلت: فاستفدنا من الإقرار المذكور حكما لولاه لم نهتد إلى وجه الصواب في الآية وهو أن الورود فيها بمعنى الدخول وأنه لجميع الناس ولكنها بالنسبة للصالحين لا تضرهم بل تكون عليهم بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم وقد روي هذا صراحة مرفوعا في حديث آخر لجابر لكن استغربه الحافظ ابن كثير وبينت علته في " الأحاديث الضعيفة " (4761) . لكن حديثه هذا عن أم مبشر يدل على صحة معناه وقد مال إليه العلامة الشوكاني في تفسيره للآية (3 / 333) واستظهره من قبله القرطبي (11 / 138 - 139) وهو المعتمد
والآخر: حديث " الصحيحين " والسياق للبخاري نقلا من " مختصر
[33]
البخاري " بقلمي لأنه أتم جمعت فيه فوائده وزوائده من مختلف مواضعه قالت عائشة:
دخل علي رسول الله A وعندي جاريتان [من جواري الأنصار 3 / 3] (وفي رواية: قينتان 4 / 266] [في أيام منى تدففان وتضربان 4 / 161] تغنيان بغناء (وفي رواية: بما تقاولت (وفي أخرى تقاذفت) الأنصار يوم) بعاث (1) . [وليستا بمغنيتين] فاضطجع على الفراش وحول وجهه ودخل أبو بكر [والنبي A متغش بثوبه 2 / 11] فانتهرني) وفي رواية: فانتهرهما) وقال: مزمارة (وفي رواية: مزمار) الشيطان عند (وفي رواية: أمزامير الشيطان في بيت) رسول الله A [ (مرتين) ] ؟ فأقبل عليه رسول الله A (وفي رواية: فكشف النبي A عن وجهه) فقال:
دعهما [يا أبا بكر [ف] إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا] ". فلما غفل غمزتهما فخرجتا ". (رقم 508 من المختصر ")
قلت: فنجد في هذا الحديث أن النبي A لم ينكر قول أبي بكر الصديق في الغناء بالدف أنه " مزمار الشيطان " ولا نهره لابنته أو للجاريتين بل أقره على ذلك فدل إقراره إياه على أن ذلك معروف وليس بمنكر فمن أين جاء أبو بكر بذلك؟ الجواب: جاء به من تعاليم النبي A وأحاديثه الكثيرة في تحريم الغناء وآلات الطرب وقد ذكر طائفة منها العلامة ابن قيم الجوزية في كتابه " إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان " (1 / 258 - 267) وخرجت بعضها في " الصحيحة " (91) و " المشكاة " (3652) ولولا علم أبي بكر بذلك وكونه على بينة من الأمر ما كان له أن

الصفحة 33