كتاب تحقيق الآيات البينات في عدم سماع الأموات

(1) هو يحيى بن شرف بن مري النووي الحوراني من كبار حفاظ الحديث وفقهائه مع ملازمته التصنيف ونشر العلم والعبادة والصيام والذكر والصبر على المعيشة الخشنة في المأكل والملبس وكتابه " المجموع شرح المذهب " من أنفع الكتب المطولة في الفقه المقارن عندي مع تخريج الأحاديث وتمييز صحيحها من سقيمها توفي C سنة (676)
(2) (ج 17 ص 206)
(3) نسبة إلى (مازر) بفتح الزاي وكسرها بلدة بجزيرة (صقلية) وهو محمد بن علي بن عمر أبو عبد الله المالكي المحدث مؤلف " المعلم في شرح مسلم " ومنه أخذ القاضي عياض شرحه " الإكمال " وكان من كبار أئمة زمانه وكان ذا فنون من أئمة المالكية مؤلفاته " الكشف والإنباء في الرد على الإحياء - للغزالي ". توفي ب (المهدية) سنة (536) عن ثلاث وثمانين
[76]
شاء الله تعالى في الفصل الثالث نقل الزرقاني المالكي عن الباجي والقاضي عياض الإمامين المالكيين القول أيضا بعدم السماع فليحفظ. وقال الشيخ محمد السفاريني (1) الحنبلي في كتابه " البحور الزاخرة في أحوال الآخرة " ما عبارته:
وأنكرت عائشة رضي الله تعالى عنها سماع الموتى. وقالت: ما قال رسول الله A:
إنهم ليسمعون الآن ما أقول " إنما قال: " ليعلمون الآن ما كنت أقول لهم أنه حق " ثم قرأت قوله تعالى: {إنك لا تسمع الموتى} {وما أنت بمسمع من في القبور} (2) قال الحافظ ابن رجب (3) :
وقد وافق عائشة على نفي سماع الموتى كلام الأحياء طائفة من العلماء ورجحه القاضي أبو يعلى (4) من أكابر أصحابنا في كتابه
الجامع الكبير " واحتجوا بما احتجت به وأجابوا عن حديث قليب بدر بما أجابت [به] عائشة رضي الله تعالى عنها وبأنه يجوز أن يكون ذلك معجزة مختصة بالنبي A دون غيره [وهو سماع الموتى لكلامه] وفي " صحيح البخاري ": " قال قتادة: " أحياهم الله تعالى - يعني أهل القليب - حتى أسمعهم قوله A توبيخا
(1) وهو " فتح القدير " لابن الهمام
(2) يعني " عقود الجواهر المنيفة في أدلة مذهب الإمام أبي حنيفة " للمرتضى الزبيدي شارح القاموس مات سنة (1205)
(3) قلت: هذا كلام رصين متين وخلاصته أنه لا ينبغي أن ينسب إلى الإمام أبي حنيفة - وكذا غيره من الأئمة - كل مسألة جاء بها حديث صحيح مخالف لما ذهب إليه الإمام لاحتمال أن يكون الحديث مما اطلع الإمام عليه ولكنه خالفه لحديث آخر تثبت لديه كما بينه شيخ الإسلام ابن تيمية C في رسالته الهامة: " رفع الملام عن الأئمة الأعلام " وهذا بخلاف ما إذا كانت المخالفة بالرأي والاجتهاد فإنه يجب والحالة هذه الأخذ بالحديث ونسبته إلى الإمام وترك الأخذ برأيه كقوله مثلا بجواز الوضوء بلا نية. وتجد تفصيل هذا في مقدمة كتابي " صفة صلاة النبي A " فراجعها فإنها هامة. وراجع المقدمة ص (23)
[76]
الفصل الثالث
في حياة الأنبياء عليهم السلام البرزخية وفي أن النعيم والعذاب على الروح والبدن كما هو مذهب الجمهور من أهل السنة السنة وأن زيارة القبور أمر مشروع أيضا عند أئمتنا الحنفية (1)
فاعلم أرشدنا الله وإياك إلى الطريق الأسلم أن المشايخ الحنفية وإن قالوا بعدم سماع الأموات كلام الأحياء إلا أنهم قالوا بأن النعيم والعذاب للروح والبدن وأن الزيارة أمر مشروع ولننقل لك من كلام العلماء في ذلك سالكين إن شاء الله تعالى أقصر المسالك
[حياة الأنبياء البرزخية]
أما حياة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: الحياة البرزخية - التي هي فوق حياة الشهداء الذين قال الله تعالى فيهم: {بل أحياء عند ربهم (2) يرزقون} - فأمر ثابت بالأحاديث الصحيحة قال بخاري عصره شيخ مشايخنا الشيخ

الصفحة 76